~كتاب الله~
هو الهدى والنور والروح والرحمة والشفاء والبركة والبرهان والحكمة والحق...
نحتاج أن ننكب على تدبره وفهمه وإسقاطه على قلوبنا وأبداننا لنصلح لمجاورة الله في الجنة


تابعونا

على الحساب الموحد في تويتر وانستجرام @TadabbarAlquran

تابعوا مدونة "علم ينتفع به" تحوي تفاريغ دروس الأستاذة أناهيد السميري جزاها الله خيرا ونفع بها http://tafaregdroos.blogspot.com

السبت، 26 مارس 2016

ما هي الأخوة في الله ؟



إن نعمة < الأخوة في الله >

من النتائج الطبيعية للإيمان

من النتائج الطبيعية لليقين بالحقائق التي علمنا إياها ربنا في وحيه سبحانه

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاثٌ مَن كُنَّ فيهِ وجَد حلاوَةَ الإيمانِ: أن يكونَ اللهُ ورسولُه أحبَّ إليه مما سِواهما، وأن يُحِبَّ المرءَ لا يُحِبُّه إلا للهِ، وأن يَكرهَ أن يَعودَ في الكُفرِ كما يَكرهُ أن يُقْذَفَ في النارِ"
[البخاري ومسلم]




والكلام عن الأخوة كثير، يمكن الرجوع فيه إلى هذه المقالات الرائعة، عسى الله تعالى أن ينفع بها






ولكننا هنا نريد أن نركز على بعض الإشكاليات التي نعاني منها في زماننا، وتجد كثيرا من المنتسبين للاستقامة يسيئون فهمها، ولديهم شبهات حول حقيقتها.


باختصار:

أولا: الأخوة في الله << نتيجة الإيمان

فالذي يحب أحدا "لله" لأنه يقربه من الله، لأنه يعينه على مرضاة الله... لابد وأن يكون قد قطع شوطا في الإيمان بالله لكي يصبح شعوره بهذه الصفة.


والإيمان ليس ما يكتب في جواز السفر..
وليس كلاما يُقال باللسان!


الإيمان:

1-          يبدأ بالعلم بما جاء في كتاب الله تعالى من حقائق، خاصة ما يخص صفات ربي، وأفعاله معي ومع من حولي، ووعوده لنا في الدنيا والآخرة، وصفاتي أنا كبشر ونقصي، ونقص جميع البشر من حولي، وما يخص حقيقة الدنيا، والاختبار الذي أمر به خلالها، وما يخص الحياة الحقيقية التي أنا مقبل عليها، وتفاصيل أحداثها، ومصائر الناس فيها.....

2-          ثم ينتقل من مرحلة العلم، إلى التفكر والتدبر، وكثرة حضور مجالس العلم، ومناقشة تفاصيله، والسؤال عما أحمله في قلبي من شبهات وأسئلة، وتقبُّـل ما يُعرض لي من تذكرة وموعظة، وترغيب وترهيب... إضافة إلى أقدار الله تعالى التي يربيني بها لأنتفع من هذا كله..

3-          فينتقل الإنسان (بسبب هذا التفكر وما حوله) من مرحلة الفهم العقلي للعلم، إلى أن تتغير مشاعره فعليا، تتبدل في قلبه مشاعر (محبة الدنيا، وحسن الظن بنفسه، والتعلقات المختلفة، والكبر، والحسد، والقنوط، والغفلة، وسوء الظن....... الخ) إلى مشاعر (الشوق للآخرة، ودوام لوم نفسه ومعاتبتها وبذل الجهد في إصلاحها، والتعلق بالله تعالى وحده، والتواضع، والرضى، وحسن الظن بالله، والجد والاجتهاد للفوز في هذا الاختبار، وحسن الظن بالمسلمين..... الخ) >>>> وهذا هو حقيقة الإيمان.. وليس مجرد معلومات مخزنة في العقل!

4-          ثم بعد ذلك تنقاد الجوارح لأوامر الله تعالى ونواهيه، فيكمل مفهوم الإيمان، وإن كان هذا الإنسان لن يكون معصوما! ولابد له من الخطأ والزلل والذنب والنقص والضعف... إلا أنه يجبر ذلك بالتوبة والاستغفار، ودوام الذل لله تعالى (الذي هو متعلق به جل في علاه) أن يرحمه ويعفو عنه ولا يعامله بما يستحق ولا يحرمه إحسانه بسبب ذنوبه.....


فإذا وصل المؤمن إلى هذا (وحتى قبل أن يصل إلى هذه المرحلة) سيكتشف أنه بحاجة ماسة إلى إخوان يعينونه على ثقل هذا الطريق، ويصير يبحث بين الناس عمن يفهم هذه الحقائق، ويحبها، ويستسلم لها.... فإذا وجد من فيه بوادر هذه الصفات... شعر بمحبة حقيقية اتجاهه، وشعر بالرغبة بقربه، والانتفاع منه، ونفعه، وقبول نصيحته له، ونُصحه...


سيجد في قلبه محبة للناس على قدر "إيمانهم" (الحقيقي!)
وبغض لهم على قدر ما فيهم من (أمراض قلوب، أو زيغ، أو ذنوب)


وهنا تأتي "الأخوة في الله"


فيجب أن نفهم
وندرك
ونعترف:

أن أهم الأسباب التي جعلت "الأخوة الحقيقية"
تكاد تكون غير قابلة للتحقيق في زماننا

هو الخلل في "الإيمان الحقيقي" أصلا !


هو أن كثيرا من الناس

ينتسبون للاستقامة
أو لطلب العلم
أو للتدين....

(( وإن كانوا تابعين في الظاهر منهج الحق، ويقولون نحن على خطى السلف الصالح ))

إلا أن حقائقهم ليست كذلك
ولم يأخذوا من منهج السلف الصالح إلا
- الظاهر
- ونوعية المشايخ الذين يسمعونهم
- والمواد التي يدرسونها.


أما حقيقة الإيمان..
حقيقة القلب السليم.. الذي لا ينفع الإنسان عند لقاء ربه إلا هو..
حقيقة حمل همّ تزكية النفس (حقيقةً)
ليس لأجل مديح الناس !!
ولا لأجل العلو عليهم !!!!!
ولا لأجل تحقيق المصالح في الدنيا !!!!!!!!


إنما حتى ننجو !!!!!
حينما يأتي ذلك اليوم العظيم..
الذي كان يخشى كُربه الأنبياء والصالحون..
ويبكون شفقة منه
لأنهم يعلمون أنه لا طاقة لهم بأهواله.....!!


(( فنستغرب من كمّ الاطمئنان الذي نعيش به!! لأننا نظن أننا صالحين ! ))


هذا الإيمان الحقيقي... لا تكاد تجده في هذا الزمان !!

الذي تدرب الناس فيه على التمثيل والخداع والمجاملات.. حتى صارت الحياة قائمة على التمثيل..
حتى صار الإنسان يمثل على نفسه !
وعمي كثير من الناس (والمنتسبين للاستقامة) عن حقائق مافي قلوبهم.. لأن همهم مجرد نظر الناس لهم.. ورأيهم فيهم !


فالذي يحصل أن هؤلاء المستقيمين، يقيمون علاقات مع بعضهم، ويتشاركون في بعض الأعمال الدينية ((الظاهرة)) ظناً منهم أنهم متآخين في الله !!!

في حين أن قلوبهم تحمل من الكبر على بعضهم، أو على الحق، أو الحسد، أو الغفلة، أو التعلقات الدنيوية، أو الشكوك، أو الشبهات... الخ
ما يجعل هذه العلاقات قائمة على هذا التمثيل والخداع والمداهنة!
وليست أخوة حقيقية تعين الإنسان على النجاة في هذا الاختبار.







ثانيا: الأخوة في الله نعمة عظيمة:

تقي الإنسان من مزالق الشيطان

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فعليكم بالجماعةِ؛ فإنما يأكل الذِّئبُ من الغنمِ القاصيةِ "
[صحيح الترغيب]


تقي الإنسان من اتباع هوى نفسه.. لأن أخاه يقف لنفسه بالمرصاد! فكلما دعته نفسه للباطل.. جرّه أخوه بالموعظة والتذكير.. حتى يعيده إلى الحق

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المؤمِنُ مرآةُ أخيهِ، المؤمنُ أخو المؤمنِ يَكُفُّ عليهِ ضَيْعَتَه ويحوطُه مِن ورائِهِ "
[صحيح الأدب المفرد]


تقي الإنسان من الجهل وتوابعه (من الافتتان بأهل الباطل، أو فتن الدنيا...) لأنه وإخوته يديمون طلب العلم، ومناقشته، وفهمه، ورد الشبهات التي ترد على قلوبهم به...


تقي الإنسان من أن يكون وحيدا.. في مواجهة أهل الشر !
الذين يبذلون قصارى جهدهم في نشر شرورهم!
(فتستغرب من غفلة أهل الحق.. وغرقهم في مباحات الدنيا!)

قال صلى الله عليه وسلم: " فإنَّ يَدَ اللهِ مع الجماعةِ، و إنَّ الشَّيْطانَ مع مَنْ فارقَ الجماعةَ يَرْكُضُ "
[صحيح الجامع]



فالذي يبحث عن الأخوة في الله

ويريد من يعينه على هذا الطريق.. حتى يلقى الله تعالى {بقلبٍ سليم} :


1-          يجب أولا أن يفهم الطريق الصحيح للإيمان، ثم يبدأ يسير فيه.

2-          أن يبحث عمن فيه من التواضع والخير من يريد السير في هذا الطريق معه.. ولا ييأس من البحث

3-          إذا وجد هذا الأخ.. استمسك به بكل ما أوتي من قوة، ولم يسمح لشياطين الإنس والجن أن يفرقوا بينهما.. إلا إذا اضطر لهذا اضطرارا !!

4-          أن يكون هو وإياه إخوة على الحقيقة (ومن أهم صفات الأخوة في الله: التناصح) فإذا كان هو لا يقبل نصيحة أخيه، أو نقده له، أو وعظه إياه... أو إذا كان هو مقصرا في نصح هذا الأخ، أو نقد عيوبه، أو وعظه كلما احتاج إلى الوعظ..... فهذه الأخوة ليست لله.

(( بل إن المؤمن يقبل النصيحة والنقد من كل أحد.. مهما كان! لأن غايته هي إصلاح نفسه.. وليس العلو في الأرض!! ))


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الدِّينُ النَّصيحةُ " قلنا: لمن ؟ قال: " للَّهِ ولكتابِهِ ولرسولِهِ ولأئمَّةِ المسلمينَ وعامَّتِهم "
[صحيح مسلم]

5-          أن يحرص على أن ينفع أخاه بكل ما يستطيع من نفع (في دينه ودنياه) ويقبل نفع أخاه له (في دينه ودنياه) ويسد بعضهم حاجة بعض، وينصر بعضهم بعضا، ويتعاون بعضهم مع بعض، ويطلبون العلم سويا، ويدعون إلى طريق الله على بصيرة سويا... الخ

قال صلى الله عليه وسلم: " من استطاع منكم أن ينفعَ أخاه فلْيَنْفَعْه "
[صحيح مسلم]



6-          أن يعلم أن أخاه هذا ليس معصوما ولا مثاليا.. كما أنه هو ليس معصوما ولا مثاليا (ولو كانوا معصومين لما كان للنصيحة معنى!) فليصبر على نقائصه، وليدم معونته على إصلاح عيوبه، وليسد عنه ثغراته التي لا يستطيع سدها... فإنهما بشر.. بحاجة إلى بعضهما !


قال صلى الله عليه وسلم: " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا " - ثم شبك بين أصابعه - وكان النبي صلى الله عليه وسلم جالسا ، إذ جاء رجل يسأل أو طالب حاجة، أقبل علينا بوجهه فقال : " اشفعوا فلتؤجروا، وليقض الله على لسان نبيه ما شاء " .
[البخاري]


7-          إضافة لكل مواصفات الأخوة في الله المذكورة في المقالات السابقة.




فأذكر نفسي وإخواني..

إن كل من لديه ذرة إيمان (بلا شرك ولا كفر ولا نفاق)

له علينا حقٌّ في الأخوة الدينية بمقدار هذه الذرة..



لكن من أراد أن ينجو يوم لقاء الله على الحقيقة
أن ينجو من كرب القبر.. والحشر.. والحساب
أن ينجو من احتمال أن يدخل النار.. قبل أن يدخل الجنة!!
أن ينجو من أن يفتن قبل موته... فيخلد في النار!!!!! والعياذ بالله


فليبحث عمن يحمل في قلبه من الإيمان أكثر من هذه الذرة!

ولا يستهين بالصحبة وتأثيرها..

فإن زماننا زمان فتن عظيمة
يحتاج منا فرار إلى الله !!
لعلنا ننجو

{ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28) }
[ الكهف]

قال صلى الله عليه وسلم: " المرءُ على دينِ خليلِهِ، فلينظُر أحدُكم من يخالِلُ "
[تخريج مشكاة المصابيح]



اللهم ارزقنا الإيمان الحق

ثم ارزقنا صحبة الصالحين

وانفعنا بهم.. وانفعهم بنا


وثبتنا على ما تحبه وترضاه حتى نلقاك

هناك تعليقان (2):

  1. جزاكم الله جنة عرضها السماء والارض
    بلا حساب ولا عذاب

    ردحذف
  2. جزاكم الله خيراً وبارك بكم ونفعنا وإياكم ......
    اللهم ارزقنا الأخوة بالله

    ردحذف

أرشيف المدونة الإلكترونية