( 5) تابع/ اسم الله الحكيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره،
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل
فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده
ورسوله
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
}
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } أما بعد:[1]
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } أما بعد:[1]
فإن خيرُ الحديثِ كتابُ اللَّهِ، وخيرُ
الهَديِ هَديُ محمَّدٍ s، وشرُّ الأمورِ محدثاتُها، وَكُلُّ مُحدثةٍ بدعةٌ وَكُلُّ بدعةٍ
ضلالةٌ، وَكُلُّ ضلالةٍ في النَّارِ [2]
بدأنا في الخطبة الماضية بتدبر اسم الله الحكيم سبحانه، وعلمنا أن معنى اسم الله الحكيم في حق الله تعالى أي : الذي له الحكمة التامة
الكاملة، وهي تمام العلم مع تمام الإحسان، يعلم المصالح والمفاسد، يعلم ماضي
الأمور وحاضرها ومستقبلها، ويضع الأشياء في مواضعها المناسبة لها، فهو المحسن الذي
يتقن كل شيء يخلقه أو يقدره سبحانه جل في علاه.
وعلمنا أن أفعال الحكيم سبحانه
تنقسم إلى قسمين:
-
أفعال قدرية -
وأفعال شرعية
فالله تعالى هو الحكيم في
كل فعل قدري يجريه على خلقه، هو الحكيم في كل قدر يجريه علي وعليك، كبر ذلك القدر
أو دقّ.
فحين اختارك سبحانه في هذا البيت، من هذه العائلة، مع
هذان الوالدان... فهو الحكيم سبحانه، الذي وضعك في
المكان المناسب والوضع المناسب، لماذا !؟ ليسهل عليك الطريق الذي يناسبك للوصول
إلى الجنة.
حينما رزقك هذه الزوجة تحديدا، وهؤلاء الأبناء تحديدا،
فإنه الحكيم، الذي يعلم تفاصيل ما في قلبك، ووضعك
في الوضع الملائم لما في قلبك، حتى إذا أحسنت استغلال هذا الوضع، كان طريقا لك إلى
جنته والنجاة من ناره.
حينما تجد أن فلانا طالب العلم قد فتح الله تعالى عليه
فتوحا أكثر مما فتح عليك، وعلمه وفهمه أكثر مما علمك، وشرح له صدور الناس أكثر مما
شرحهم لك... فاعلم أن ربك هو الحكيم...
-
هو الحكيم الذي لم يجعل
عطاءاته الدنيوية سببا لرضاه أو للنجاة حين لقائه، فقد يكون أعطاه هذه العطاءات
التي سبقك بها في أعين الناس، لكنك لا تعلم ممن يقبل سبحانه عمله أكثر، أنت أم هو
!
-
هو الحكيم الذي يعلم ما
في قلبك وما في قلبه، قد يكون في قلبك من الأمراض ما لا يحتمل معه هذا النوع من
العطاء، ولو أعطاك ما تتمناه من الفتح والمكانة ستهلك !!
-
قد يكون الحكيم يشفي
قلبك بهذا النقص الذي تشعر به، يشفي قلبك من كبر، من حسد، من تعلق بالدنيا، من
توكل على الذات، من إرادة للعلو والتميز، من سوء ظن بالله...
-
قد يكون الله تعالى يريدك أن تدخل عليه من باب مختلف
تماما، مخالف لهواك (بر والدين، إحسان في تربية الأبناء، تحري المال الحلال،
القيام على شؤون زوجة أو رحم، مزيد من طلب العلم، تعاهد مافي قلبك من أمراض تفوق
ما ابتلى به غيرك... أو غيرها أو غيرها) ليكسر في قلبك تمردك عن حال العبودية،
وليوصل لك رسالة: اعبدني كما أريد أنا، وليس كما تحب أنت !
حينما حرمكِ الله الزوج، فاعلمي أن ربك هو الحكيم، قد
يكون قلبكِ أضعف من أن يحتمل نقائص هذا الزوج، ولو دخلتي في هذه المنظومة ستهلكين
قلبك، وقد يكون الله تعالى يريد أن يستخرج منكِ عبوديات لا نهاية لها بسبب تفرغك
من هذه المسؤولية (من ذل، ودعاء، وصبر، وحسن ظن به، ومجاهدة للهوى، وتوبة، وطلب
علم، وإحسان إلى الخلق...)
إذا أنقص ربك عليك الرزق، فلا تظن أن هذه إهانة لك، أو
أن ربك ساخط عليك
فذكر نفسك بأن ربك حكيم، افهم أفعاله سبحانه معك، وانتفع
بها، فإنه إما يطهر قلبك من أمراضه، أو أنه يريد منك مزيدا من الدعاء والتذلل بين
يديه والصبر، ثم سيرزقك ما يناسبك في الوقت المناسب، أو قد يكون هذا الإنقاص عقوبة
لك على ذنب من ذنوبك، التي يريد ربك الرحيم أن يكفرها عن في الدنيا قبل أن تلقاه
وهي على عاتقك، أو قد يكون هذا الرزق شر عليك أو على أهلك وأنت لا تعلم...
لقد اختصر لنا رسول الله s ما يجب علينا فعله حينما تنزل
علينا أقدار الحكيم سبحانه، وهو الذي أوتي جوامع
الكلم s فقال :
" إنَّ عِظمَ الجزاءِ مع عِظمِ
البلاءِ، وإنَّ اللهَ إذا أحبَّ قومًا ابتَلاهم
ß
فمَن رَضي فله الرِّضَى، ومَن سخِط فله
السَّخطُ "
ولا يرضى العبد عن ربه إلا إذا عرفه، كما أخبرنا عن نفسه سبحانه في كتابه
وسنة نبيه s .
ولا يكفي في معرفة ربنا سبحانه العلم النظري المحفوظ،
الذي يسهل علي سرده إذا ما سألني عنه أحد !!
إنما حين تتعلم عن ربك اسما من أسمائه، أو صفة من صفاته،
فإن قلبك لن يحيا بهذا العلم إلا إذا تفكرت فيه،
وتدبرته، وعلمت أنه سبحانه ما علمك هذه
المعلومة، وما أنزل عليك هذه الآية إلا لتكون رسالة
مهمة لك، يصلح بها كمٌّ عظيم من الباطل في قلبك، إن كان في فهمك واعتقادك، أو كان
في رغباتك ومشاعرك.
لكن متى يمكن أن يحدث ذلك !؟
إذا تدبرت هذا المعلومة، أو هذه الآية، وسألت الله تعالى
بتوسل أن يفهمك إياها، وناقشت فيها نفسك، أسقطتها على مكونات قلبك، ناقشت فيها حالك
ومشاعرك وردود فعلك وأفكارك وظنونك واهتماماتك وانشغالك وآمالك...
حينها ستبدأ تكتشف ما في قلبك من أمراض ونقائص، وسترى
كيف أن هذا الكلام العظيم المحكم الذي أنزله ربك الحكيم
ليصلحك به، نازل كالدواء على جروح قلبك ومشاكله.
وأعظم ما يُتدبر في كلام الله تعالى هو أسماؤه، فإن شرف
العلم على قدر شرف المعلوم.
وكل اسم من أسمائه جل في علاه، وكل صفة من صفاته، كفيلة
بأن تنقل قلبك من حال إلى حـــــــال !!
على قدر استعانتك بربك، وتفكرك فيما في هذا الاسم من معانٍ،
وأعماق، تلامس حياتك وأفكارك ومشاعرك.
حتى إذا فهم "قلبك" الحقائق التي علمك ربك
إياها، تغير، وانصلح، وتخلص من أسر الشرك والوهم والكفر والتمرد والنفاق والتعلق
بالدنيا وسوء الظن بالله والتوكل على النفس والجحود والظلم...
إلى فضاء التوحيد..!
إلى فضاءٍ لا يعبد فيه "قلبك" إلا واحد... قد
تخلص من أسر كل معبود ومعظم ومتعلق به سواه..
فإذا تحول قلبك إلى هذا العبد.. صار يبحث بنفسه عما يرضي
الله تعالى من أعمال البدن واللسان، وإذا جاءه أمر من ربه الذي امتلأ معرفة به
ومحبة وتعظيما له سبحانه قال {سمعنا وأطعنا}
أقُولُ قَوْلي هَذَا وَأسْتغْفِرُ اللَّه
العَظِيمَ لي وَلَكُمْ، فَاسْتغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
*** *** ***
الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا، ولم يكن له
شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا.
أما بعد:
إذا تدبرت اسم ربك الحكيم
في كتابه، ستجد أنه اقترن بالعزيز، وهذا يزيد كل
اسم من الاسمين حسنا فوق الحسن.
فإنه ليس فقط حكيما، قد لا يستطيع إنفاذ حكمته والمصلحة
التي يعلمها.. بل إنه العزيز الذي لا يُغالب، القوي القاهر فوق عبيده، الذي إذا
أراد شيئا أنفذه...
وهو ليس عزيزا فحسب، بحيث قد يستخدم عزته في ظلمٍ أو
طغيان، أو في عبث ولهو دون أن يضع الأشياء في مواضعها..
بل هو العزيز الحكيم... القادر على فعل ما يريد، وهو لا
يريد ولا يفعل سبحانه إلا ما فيه كمال الحكمة والخبرة والمصلحة.
وستجد في كتابه سبحانه أنه اقترن بالعليم.. أي أن حكمته في وضع الأشياء في مواضعها، إنما
جاءت بسبب تمام علمه بتفاصيل كل شيء، وتفاصيل ما ينفع كل شيء وما يضره، وتفاصيل
ماضيه وحاضره ومستقبله.
وستجد أنه اقترن بالخبير..
والخبير أوسع علما من العليم..
إن حكمة الله تعالى تتجلى في هذا الدين الخاتم الذي
أنزله لعبيده ليصلح به قلوبهم وأحوالهم.
فأينما نظرت في هذا الدين ستجد الحكمة البالغة، والرحمة
المغدقة، واللطف والعلم والخبرة التي تفوق الإدراك.
ولأن الله تعالى هو الحكيم،
حينما خلقك في هذا الاختبار، وأعدّ لك مكافأة لا تبلغها بعملك مهما فعلت، كان لابد
وأن يختبر إيمانك بك، وحسن ظنك فيه، وثقتك به، وتعلق قلبك بالوعود التي
وعدك إياها...
الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ
يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2)
وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ
قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ
الْكَاذِبِينَ (3) [4]
فلابد وأن تمر عليك مواقف كثيرة تختبر فيك إيمانك بمال صفات
ربك..
تُعرض عليك أخبار في دين الله تعالى، أو تعرض عليك أوامر
لله جل في علاه، قد لا يفهمها عقلك، أو لا توافق هواك، أو تجد من الناس من يزيغك
عنها فيقول : إنها لا تصلح لزماننا، فزماننا مختلف عن زمان قريش !!
فعلى قدر علمك بتفاصيل صفات ربك، وعلى قدر إيمانك بكمال كل
صفة من صفاته، ستثبت حينها، وتقول لنفسك: إن ربي حكيم، يعلم مصلحتي ومصالح من
حولي، وإن لم أفهم حكمته في أمره هذا أو نهيه، لكن قصور عقلي لا يسمح لي بأن أقدح
في حكمة ربي وعلمه وواسع رحمته جل في علاه.
مثال نعيش مأساته في زماننا كل يوم: حين تجد ربك الحكيم يأمرك بطاعة ولي أمرك، وعدم مخالفته، ويحرم عليك
غيبته، أو التشهير به، أو تأليب الناس عليه...
فتجد في قلبك انتقادا على ولي الأمر هذا، ورغبة في
معارضته وتأجيج مشاعر الناس ضده، وتجد من الناس من يختار لك من دين الله تعالى آية
واحدة أو حديثا واحدا، يهدم فيه بقية دين الله تعالى كله! ويحاول إقناعك أنك بهذا
التأليب تنصر دين الله تعالى، وتدفع الظلم، وإن مت مت شهيدا !!!
إذا ألجمت مشاعرك في هذه اللحظة، وأعملت عقلك، فإنك
ستعلم يقينا أن أمر ربك لك هو الحكمة والخير
والمصلحة والبركة، وستعلم أن مفسدة هذا الخروج أو هذا التأليب عليك وعلى المسلمين
أعظم بكثير من مفسدة أخطاء هذا الحاكم عليك أو على غيرك...
وستتذكر أنك لا ترضى أن تخرج عليك زوجتك أو أحد أبنائك،
ينتقدونك فيما بينهم، ويألبون صغار أبنائك عليك، بسبب تقصيرك أو ذنوبك أو سوء
تصرفك في هذا الأمر أو ذاك !!
وأن أمر بيتكم لن يستقر ولن يستقيم وأنت لا تملك زمام
أمره، وكل واحد فيه يفعل ما يحلو له !!
فكيف بتسيير بلد كامل ! عند كل فرد فيه أفكاره ومشاعره
واعتقاداته ورغباته التي تختلف عن غيره...!؟
وستعلم حينها.. أن صلاح الحاكم أو فساده إنما هو من فعل
الله الحكيم جل وعلا، مكافأة للناس على توحيدهم
وتقواهم وذلهم وخضوعهم وتواضعهم، أو عقوبة لهم على شركهم أو غفلتهم أو مجاهرتهم
بالمعاصي أو تكبرهم بما عندهم من نعم الدنيا من علم أو مال أو حسب... الخ
فأول ما يجب فعله ليصلح الله تعالى لنا ولي أمرنا، هو أن
نتقيه جل في علاه في أنفسنا، ونتعلم دينه الحق، ونظل أذلاء على بابه مستعينين
منكسرين، ونبذل قصارى جهدنا لإصلاح قلوبنا من أمراضها، ولإصلاح جوارحنا من الظلم
والمعاصي...
وستعلم أن ربك الحكيم سبحانه قد أمرك بنصح كل أحد، مهما
كان هذا الأحد، بالحكمة والموعظة الحسنة، كل إنسان بحسبه، وعلى قدر استطاعتك.
فلابد وأن تقوم بها متبعا لرسولك s ، وليس على فهمك وهواك.
حتى إذا فهمت هذا، ستبذل قصارى جهدك لتوصل النصيحة لولي
أمرك، بالحكمة، وبالسر، دون أن تفضحه، كما لا تحب أن ينصحك أحد علانية فيفضحك !
أما إذا لم تستوعب هذا كله، ولم تتمكن من فهم الحكمة من
وراء هذا الأمر وهذا النهي من ربك سبحانه...
فيكفيك أن تكون موقنا بأن ربك هو الحكيم، الذي يعلم ما يصلح عبيده، وأنزل لهم دينا كاملا
ينفعهم إلى يوم القيامة، لا يحتاج إلى تعديل ولا إلى
تجديد !
إن العبد الذي عرف حقيقة نفسه، وحقيقة ربه..
سيدرك ما هو الاختبار الذي وضعه ربه فيه سبحانه ؟
هو أن يحقق العبودية لله تعالى وحده في كل موقف يتعرض
له، أن يكون في كل موقف، وفي كل قرار، وفي كل اعتقادٍ.. عبد ! يبحث عما يرضي سيده
ومولاه، الذي يغرقه بالنعم سبحانه، الحكيم الذي
يسيّر له أقداره بأروع وأفضل طريق حتى يوصله لجنته...
يتعلم دين ربه حتى يعمل به هو أولا، فيرضى عنه ربه،
فيعيش الحياة الطيبة في هذه الدنيا الزائلة، ثم حين يقف أمام الملك يحاسبه على ما فعل فيها، يقرأ كتابه، فإذا هو قد
نجح فيما اختبره فيه في الدنيا، بتفاصيل المواقف والأحداث، وأنه قد غلبت تقواه
وعبوديته وثقته بربه واجتهاده لطاعته.. ما سقط فيه من ذنوب بسبب ضعفه أو جهله..
فينجو.. ينجو من طول الحساب والكرب يوم القيامة، وينجو
من أن تمسه النار على تمرده وعصيانه وأمراض قلبه، ويدخل جنة عرضها السماوات
والأرض، كان ثمنها هو أن يتعلم عن ربه، ويجتهد في تحقيق العبودية له وحده سبحانه.
إن تدبر أي اسم من أسماء الله تعالى لا ينتهي، وكلما
تدبرت أكثر كلما صلح قلبك أكثر، وكلما سألت الله تعالى أن يعلمك ويفهمك وينفعك،
كان نصيبك من العلم والانتفاع أكثر.
اللهم انفعنا بما علمتنا، وعلمنا ما
ينفعنا وزدنا علما، اللهم أيها الحكيم، أيها الرحيم، أيها القريب المجيب، لا
تعاملنا بما نستحق، اللهم لا تعاملنا بما علمته من نقصنا وذنوبنا وتقصيرنا، ولكن
عاملنا بصفاتك أنت، فأنت المحسن المنان الكريم الرحيم العفو التواب الغفور الحليم،
ليس لنا سواك، عاملنا بما أنت له أهل سبحانك، أغدق على عبيدك ما لا يستحقونه من
الفضل والعفو والرحمة، فإننا نشهدك أننا لم نكن شيئا مذكورا، وحين أصبحنا شيئا مذكورا
بارزناك بالكبر والجحود وسوء الظن والمعاصي، فنحن لا نستحق رحمتك، لكنك أنت
الموصوف بتمام الرحمة وتمام الحلم والعفو، نتقرب إليك بذلنا وضعفنا وفقرنا ووقوفنا
معترفين بعجزنا بين يديك، فلا تردنا وأنت أكرم الأكرمين، وأعطنا ما تنجينا به في
الدنيا والآخرة، نحن وجميع آبائنا وأمهاتنا وأهلينا وأحبابنا والمسلمين في كل مكان
يا أرحم الراحيم.
وأقم الصلاة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق