~كتاب الله~
هو الهدى والنور والروح والرحمة والشفاء والبركة والبرهان والحكمة والحق...
نحتاج أن ننكب على تدبره وفهمه وإسقاطه على قلوبنا وأبداننا لنصلح لمجاورة الله في الجنة


تابعونا

على الحساب الموحد في تويتر وانستجرام @TadabbarAlquran

تابعوا مدونة "علم ينتفع به" تحوي تفاريغ دروس الأستاذة أناهيد السميري جزاها الله خيرا ونفع بها http://tafaregdroos.blogspot.com

الأربعاء، 28 مايو 2014

~ إضاءات في تربية الأبناء ~


بسم الله الرحمن الرحيم



إضاءات في تربية الأبناء


كي نربي أبناءنا تربية صحيحة، تخرج منهم عبيدا، يعرفون ربهم، ويعرفون أنفسهم، ويعرفون لماذا خلقوا في هذه الدنيا، ويعملون لينجحوا في اختبارها فيدخلوا الجنة ويعتقوا من النار، لابد من أن نفهم 4 أمور:

(1)   التربية تبدأ من قلبي (إضاءات وليس من باب الحصر):

1-     أن أعلم أنني عبدة، فقيرة، ضعيفة، لا أستطيع أن أربي أحدا بحولي وقوتي،حتى نفسي! إلا أن أستعين بخالقي وخالقهم ليعلمني ويعلمهم ويسددني ويشرح صدورهم ويهديني ويهديهم بلطفه ورأفته وحده سبحانه...، وعلى قدر الاستعانة في صغير الأمور وكبيرها، على قدر ما يكون التسديد والبركة. {إياك نعبد وإياك نستعين}



2-    أن أفهم المهمة التي كلفني الله إياها، فهما صحيحا بتفاصيلها، وهي أداء الواجب الذي علي في تربيتهم باجتهاد وإتقان، وتحقيق العبودية في نفسي وبذل الأسباب في غرسها فيهم، ولكن ليست هدايتهم على الحقيقة في يدي، فمن شاء الله برحمته أن يهديه منهم سيهديه، ومن شاء بحكمته أن يضله سيضله، المهم أن أنشغل أنا ببذل ما علي، وأتوكل على الله تعالى وحده في تحقيق النتائج، وهذا ليس سهلا (التوازن) {ليس عليك هداهم}

3-    أن أدرك تماما أن أبنائي هؤلاء نعمة عظيمة قد وضعها الله تعالى في طريقي، وعلي شكره تعالى عليها كما ينبغي حتى يكونوا في ميزان حسناتي حين ألقاه، هم وكل من ينتفع بهدايتهم وعلمهم إلى ما شاء الله، وإلا فسيكونون في ميزان سيئاتي. "من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها... الخ"

4-    أن أدرك أنهم بشر مستقلون عني، مهما كان بيني وبينهم من الحقوق والواجبات والمشاعر، فإن لهم دائرة حرية قد منحهم الله تعالى إياها، يجب أن أفهمها وأعرف كيف أتعامل معها، ولا أشعر وكأنهم جزء من حاجياتي، أو أغراضي الشخصية التي لي كامل التحكم فيها وفي مصيرها! {ولقد كرمنا بني آدم}

5-    أن لا أتعلق بهم تعلقا يلهيني عن تركيزي على قلبي ونفسي، فصلاحهم وفسادهم ومصالحهم الدنيوية تأتي في المرتبة الثانية بعد صلاح قلبي أنا وحالي أنا مع الله، فيظل قلبي مشغولا بنفسي أولا، مهما انشغلت بجوارحي معهم. "ابدأ بنفسك ثم أخيك"
6-    أن أعلم أنهم مسؤوليتي، وسأسأل عن كثير مما يتعلق بهم، فليس من حقي أن أهملهم أو أترك تربيتهم للحياة أو الخدم أو أهلي أو المدارس... الخ، وأقول: أنا متوكلة على الله في صلاحهم !!!! "احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجزن"

7-    أن أحسن الظن في الله أنه لن يضيع عملي وجهدي معهم، فأجاهد لأخلص له وحده فيما أقوم به ما استطعت، حتى أجد أجره في الدنيا والآخرة، فأتقن لأن الله يحب الإتقان، وأرعى لأن الله استرعاني عليهم، وأخدم لأنهم أمانة أريد أداء حقها، وأرحم وأعطف وأتودد وأسامح وأصبر وأحلم... لأن الله تعالى يرحم من عباده الرحماء. وهذا سيعينني أن أبذل إن كان البذل في هذا الوقت مع هواي، أو عكس هواي.

8-    أن أصلح من قلبي وتقواي ما استطعت، فكلما صلح قلبي، رجوت من الله مزيدا من البركات والتسديد والفهم والفتح كما وعدني جل في علاه، فكانت تربيتي لهم أكثر اتزانا وأروع أثرا.

(2)   معلومات مهمة عن أطفالي (إضاءات وليس من باب الحصر):
1-    أبنائي ولدوا على الفطرة:

-         قلوبهم تعلم أن لهذا الكون رب خالق عظيم، لديه قوة وقدرة وحكمة، ويتحكم في الأقدار بشكل غيبي يفوق قدراتنا، وهو الملجأ والملاذ عند الحاجة، وهو الذي يسمعنا ويستجيب دعاءنا إذا ناديناه (فإما أن ينغرس فيهم أن هذا الرب هو الله، الذي القرآن كتابه الخاتم، ومحمد صلى الله عليه وسلم آخر أنبيائه، أو أن ينغرس في قلوبهم أيّ مُعظـّمٍ غيره – ضريح، سوبر مان، فلان الفلاني، أمهم أو أبيهم، أنفسهم التي بين جنبيهم...الخ)

-         يدركون كثيرا من أمور الخير والشر، خاصة فيما يتعلق بالأخلاق والفواحش والحياء وحدود التعامل... (فإما أن أثبت هذه الفطرة في قلوبهم، أو أن تبدأ تتلوث في أي جانب من جوانبها حتى تتلاشى)

2-    أبنائي ولدوا فارغين من العلم { وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {78} الحجر.

3-    من رحمة الله تعالى أن جعل في قلوب الأطفال الاستعداد للتعلم، وتقبـُّـل المعلومات مهما كثرت، وتقبـّـل التوجيه والنقد والنصيحة والتعديل حتى قرابة سن البلوغ، فهذه هي الفرصة الذهبية للوالدين ليغرسوا فيهم ما يستطيعون غرسه، قبل أن يبدؤوا في سن الاعتماد على الذات.

4-    الطفل بحاجة شديدة وضرورية وأساسية للتكرار، تكرار المعلومات، والحقائق، والأفكار، والاهتمامات، والتوجيه، والتعليل، والقصص، والأمثال...الخ، فبقدر تكرار المعلومة عليه، يصبح انغراسها في القلب أعظم، وتتحول إلى عقيدة لا تكاد تنفك.

5-    ليس التكرار المقصود هو تكرار ألفاظ باهت، إنما تكرار المواقف، وتكرار الأحداث، وتكرار التوجيه المناسب لكل موقف، وتكرار التعليل والتفسير للأحداث والأوامر... الخ.

6-    لا ينتفع الطفل من المعلومة لمجرد ذكرها مرة واحدة، إنما ينتفع بها بعد أن تصبح عقيدة بداخله، وهذا لا يحدث إلا بالتكرار، فلا تظني أنه عنيد، أو غبي، أو أنه يريد مضايقتك، إنما هو لم يستوعب بعد، قد يحتاج إلى بضع سنين لكي يستوعب بعض الأشياء، فاصبري.

7-    الطفل لا يتعلم منك ما تقولين، بالقوة التي يتعلم فيها ما أنت عليه على الحقيقة (اهتماماتك، أولوياتك، ما الذي يفرحك، ما الذي يخيفك، ما الذي يغضبك، ما الذي تصرفين فيه وقتك، ما الذي يشغل بالك، ما الذي تحرصين على إتقانه، ردود فعلك على المواقف المختلفة.... الخ) فهذه الأمور من أقوى ما يتكرر على الطفل رغما عنا وعنه، فإذا انصلحت هذه الأشياء فيّ، بإذن الله ستصبح بداخله من المسلـّمات.

8-    الطفل يجمع المعلومات التي يتكون منها عقل هذا الإنسان حتى يموت، وهو لا يفهم كثيرا من هذه المعلومات، فاملئيه بالمعلومات الحقة، املئيه بالعلم، بكلام الله عز وجل، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، بطريقة واضحة، ومقنعة، وبسيطة في طرحها، وعميقة في محتواها، ولا تقولي: لن يفهم! هو لن يفهم الآن، لكنه حين يبدأ يفهم، سيجد هذا المخزون بداخله، فينتفع به بإذن الله تعالى.

9-    عقل هذا الطفل فارغ، فإن ملأتيه بالعلم امتلأ، وإن ملأتيه بالأغاني والأناشيد والدندنة امتلأ، وإن ملأتيه بالحقائق امتلأ، وإن ملأتيه بالأكاذيب والمنظومات الغير واقعية (كما في التلفاز) امتلأ، وإن ملأتيه بالجدية امتلأ، وإن ملأتيه بالضحك والهزل أغلب الوقت امتلأ...

10-           الأطفال مولودون بمقدار من الصفات الجميلة في قلوبهم وقدراتهم، وكذلك مولودون بمقدار من الصفات السيئة في قلوبهم وقدراتهم. فمن أهم مهمات الأم أن تتعلم، فتلاحظ، فتكتشف ما في كل طفل من صفات، فتعمل على دوام تنبيهه على الإخلاص والشكر والتواضع في الصفات الجميلة، ودوام تهذيب وإعادة توجيه وضبط الصفات السيئة.

11-           يجب أن أكون واعية إلى أن فتن أبنائي مختلفة عن فتني، وقدراتهم مختلفة عن قدراتي، كما أن قدراتهم مختلفة عن بعضهم البعض، فأجتهد لأفهم تفاصيل اختبار كل واحد فيهم، وتفاصيل ما يجب عليه فعله، حتى أعينه على اجتيازه، ولا أكون مزيد ثقل وابتلاء عليه.

12-           بما أن الأطفال لديهم قدرات مختلفة، فأنا بحاجة إلى أن أفهم قدراتهم، وأفهّمهم إياها، ونبحث سويا عن الثغرة التي يريد الله تعالى منهم أن يسدوها في هذه الحياة، فننميها لينشغل بها ويتدرب على الإنجاز فيها.

13-           الأطفال بحاجة شديدة إلى الحنان، والرحمة، والحب، وإظهار المشاعر، ولا يكفي معهم إطلاقا كونهم يعلمون أني أحبهم ! "وهل أملك لك أن نزع الله الرحمة من قلبك" ، "من لا يرحم لا يرحم". وهذا يستمر معهم حتى سن متأخرة، فلا أحرمهم من الحنان والعطاء، ولا أستغرب التصاقهم بي ومحاولتهم الحصول مني على قبلة أو حضن أو احتواء.

14-           كما أنهم بحاجة شديدة إلى من يرسم لهم حدودهم في هذه الحياة، وهو الحزم، فبقدر ما يحتاجون من الحنان، بقدر ما يحتاجون إلى أن أوقفهم عند الحدود الصحيحة التي يجب أن يقفوا عندها، ابتداء بالتنبيه اللطيف، والنظرة، والإيماءة، فإذا لم تنفع بعض الشخصيات تدرجت في زيادة الشدة والحزم، وقد أضطر إلى العقوبة المعنوية لفترات، ولا ألجأ للعقوبة البدنية أو تعلية الصوت إلا بعد سنين طويلة، ويفضل أن لا يكون الضرب قبل سن العاشرة، وعلى الصلاة قبل غيرها (وهو ضرب التوبيخ الغير مؤذي)

15-           الأطفال لديهم في فطرهم القدرة والاستعداد لتحمل المسؤولية (وذلك في الغالب) فإن عودتهم على تحمل المسؤوليات البدنية والمعنوية سيعتادون على ذلك، وإن عودتهم على أن يقوم أحد ما بالمسؤولية بدلا عنهم، إن كان هذا الأحد أنا، أو الخادمة أو غيرنا، قتلت فيهم هذه الصفة، ويصعب جدا أن أستخرجها بعد ذلك.

16-           الأطفال أذكياء جدا، ولكنهم بحاجة شديدة للتكرار كما قلنا، فلا أخلط بين ذكائهم وفهمهم وسرعة بديهتهم وملاحظتهم لي ولاهتماماتي وأحوالي، وبين عدم قدرتهم على الانتفاع بالكلام بسرعة، وحاجتهم للتكرار فترات طويلة.

17-           الأطفال يسألون كثيرا لسببين: ليحصلوا على العلم، وليكرروا هذا العلم على قلوبهم. فاحذري أن تجيبيهم إجابات خاطئة أو تافهة، أو أن تتجاهلي أسئلتهم أو تملي منها، فإن هذا هو الغرس الذي يُـكوّنـُهم، فإن لم تعلمي إجابة سؤالهم، فاسألي من هو أعلم منك، أو أحيليهم عليه.




(3)       معلومات مهمة عن أبنائي قرب سن البلوغ إلى بعده (إضاءات وليس من باب الحصر):

1-    قلوبهم قد امتلأت بما ملأتهم به منذ الصغر، إلا أنهم في مرحلة يحاولون فيها قدر الإمكان التملص من ضعف الطفولة والتبعية، إلى الاستقلال والانتفاع مما تعلموه، دون مراقبة الوالدين أو كثير توجيه منهم.
2-    في هذا السن يبدؤون يدركون الحقائق ويربطون بينها بشكل ناضج، وينتفعون بالغرس الذي غرستيه فيهم منذ الطفولة، والذي لم يكونوا يفهمون أكثره قبل ذلك.

3-    يحتاجون إلى الشعور بالصداقة والمساواة والاحترام، فيحتاجونك صديقة أكثر من مربية ومراقبة، فإن لم يحصلوا على صداقتك أو صداقة أب أو عمة او خالة...الخ، وجدوها في الخارج، وصارت أسرارهم وحياتهم كلها تدور حولها.

4-    لا يستغنون عن توجيهك ولا مزيدا من العلم منك، ولكن بأسلوب أكثر احتراما لنضوجهم واستقلالهم.

5-    لا يستغنون عن الحنان والحب، لكن بما يناسب كل واحد منهم، وليس رغما عنهم.

6-    لديهم طاقة للعمل والإنجاز، فلابد من تكليفهم بمهمات مهمة، تناسب قدرات كل واحد فيهم، مع تنبيههم إلى أن كل واحد فيهم لديه قدرات مختلفة، والناس يسدون ثغرات بعضهم البعض.

7-    قد خلق الله تعالى أبناءنا في هذا السن قادرين على الزواج، بدنيا وعقليا ونفسيا، فنصيحة من قلب محب، انشروا وعي الزواج المبكر قدر المستطاع، فإذا ربيت ابني ليتحمل المسؤولية، ويعمل عملا إضافيا على دراسته مهما كان، وربيت ابنتي لتكون ناضجة عاقلة، فلا أجعل الدراسة أو غيرها عائقا لزواجهم، إن استطعت، حتى إن لزم الأمر أن أسكنهم عندي في البيت فلأفعل، فإن لم أستطع فلأتعامل معهم على أنهم كبار وناضجين بهذا القدر، وأن لديهم حاجات بدنية ونفسية تؤرقهم، فأكون واعية لهذا، ومتفهمة له، حتى يفرج الله تعالى عليهم وييسر لهم الزواج.


(4)       كيف يجب أن أربي أبنائي؟ (إضاءات وليس من باب الحصر):
1-    أن أعلم أن هذه المهمة التي أوكلني الله تعالى عليها مهمة عظيمة وجسيمة، وليست شيئا ثانويا أستطيع أن أرمي حمله على فلان أو فلان، فإن لم أتفرغ لها تفرغا شبه تام، فلابد وأن أقصر فيها تقصيرا شديدا، لهذا يجب علي، وجوبا، أن لا أخرج من البيت للعمل إلا ان أكون مضطرة اضطرارا لذلك، وليس من باب الترف، ولا إثبات الشخصية !، ولا لأحسن وضعي الاجتماعي...الخ. فإذا قدر الله علي أن اضطررت اضطرارا للخروج، وقتها بشدة دعائي وتذللي بين يديه سبحانه سيكفيني، ويبارك في القليل الذي أفعله لأبنائي، ويربيهم هو سبحانه بأفضل ما يكون، المهم أن لا أفعل هذا باختياري أنا.

2-    يجب أن يكون الأساس في تعاملي معهم هو شعور الرحمة والحب الذي أودعه الله سبحانه في قلبي، فأشعر اتجاههم بأنهم صحبتي، أحبابي، أقرب الناس إلي، أجمل من أقضي معهم وقتي، أستمتع معهم وأمازحهم وأعلمهم وأرعاهم وألاعبهم...

3-    يجب أن أفهم أن أهم ما يجب علي أن أحققه في قلوبهم، الهدف الذي أريدهم أن يصلوا إليه، هو:

                                  أ‌-          أن تمتلأ قلوبهم محبة لله، لما يرونه من أن كل نعمة يتمرغون فيها، أو أتمرغ أنا فيها، مادية كانت أو معنوية هي منه وحده سبحانه.
                               ب‌-       وأن تمتلأ قلوبهم بخشيته وتعظيمه، لما يرونه من أنه قادر علي وعليهم، وأنه رقيب علينا، يحاسبنا على ما في قلوبنا، وعلى ما نُصرّ عليه من ذنوب جوارحنا، فتصلنا تربيته بحسب حال كل واحد فينا.

فأنا طوال الوقت في حال اغتنام للفرص، لا أرى الله قد أنعم علينا بشيء، إلا قلت لهم: انظروا، هذا فعل الله، هذا من إحسان المحسن علينا، هذا حلمه، هذا عفوه، هذا كرمه، هذا لطفه بنا، هذا حفظه لنا، هذا ستره علينا.... الخ.

ولا أرى من الله تعالى عقوبة صغيرة طفيفة أو كبيرة، إلا قلت لهم: انظروا، لأننا فعلنا كذا جازانا ربنا بكذا، لأن قلوبنا فيها كذا، عاقبنا الخبير القريب بكذا وكذا، الله لا يُخادَع، الله ليس غافلا عنا، إن عاملنا بحلمه، فهذا لا يعني أنه غير قادر علينا سبحانه... الخ.


وكأن مهمتي معهم: هي تفسير تربية الله تعالى لي ولهم، وليس أنني أنا التي أربيهم على الحقيقة !

4-     يجب علي أن ألاحظ أمراض قلوبهم ونواقصهم، ثم أبدأ رحلة التهذيب: أن أركز على كل طفل المعلومات التي تــُصلح مرض قلبه، عن أسماء الله تعالى وصفاته وتفسير أفعاله سبحانه، وأبين له جزاء هذا المرض أو هذا النقص، وأنبهه كلما رباه الله تعالى على ما فيه

بتكرار، وهدوء طويــــــــــــل الأمد، بنفس الطريقة، وبنفس النبرة، ودون غضب (كما اتفقنا، لأن الطفل لا يعاند، بقدر ما أنه يحتاج إلى فترة طويلة من التكرار)

مثال: الحسود: أكلمه عن اسم الله الرزاق، وأن الله هو الذي قسم الأرزاق وليس العبيد بذاتهم، واسم الله الحكيم أنه قسم الأرزاق بحكمة، وأنه الرحيم الذي أعطى كل واحد ما يناسب شخصيته وقدراته لينجح في الاختبار ويدخل الجنة، وأنه الحسيب الذي سيحاسب كل واحد يوم القيامة على قدر ما أعطاه من نعم، فمزيد من النعم يعني مزيدا من الحساب... الخ.

5-    ويجب أن ألاحظ مميزاتهم، وأنبههم إلى أن الله تعالى أعطاهم إياها ليشكروه عليها، ويستخدموها في طاعته، لا أن يتفاخروا بها على من حـُرموا منها، أو أن يمنوا عليهم بسببها. بتكرار وهدوء...الخ.

مثال: الذكي: أكلمه عن أسماء الله الكريم المحسن المنان، الذي يعطي عبيده من خزائنه دون أن يستحقوا ذلك، وأنه القريب الرقيب، الذي يعلم ما في قلوبهم من كبر أو عجب أو تفاخر أو منة أو إرادة علو أو رياء أو سمعة، وأنه الحسيب الذي سيحاسبهم على ما قام في قلوبهم، وعلى قدر شكرهم على هذه النعم واستخدامها في طاعته وخدمة عبيده سبحانه... الخ.

6-    يجب ان أكلفهم بمهام مستمرة تناسب أعمارهم، وأفرّ فرارا من تربية الترف، فإنها أصلٌ لكوارث كثيرة.

7-    حينما أكلف طفلي بمهمة فإنه علي:
-         أن أجعلها مناسبة لقدراته.
-         أن أقوم وأفعلها معه، وفي كل مرة أقلل من مقدار مشاركتي له زمنا وقدرا، حتى يقوم بها وحده.
-         أن أتقبل النقوصات التي بالتأكيد ستنتج عنه، وألاحظ كل ميزة فيما يقوم به وأشكره عليها وأثني عليه، فإن أحببت أن أعدل على ما يقوم به، إما أن أعدل عليه دون علمه، أو أن أشاركه التعديل وأنا أنبهه على ملاحظاتي عليه، وهذا حسب العمر والحال.
-         إن صحب ذلك بعض المكافآت المادية أو المعنوية مما يحبه هو، وإن كانت شيئا بسيطا، فهذا معين جدا على انشراح صدره للعمل والإنجاز، خاصة في الأعمار الصغيرة.

8-    يجب أن يروا مني حزما مناسبا لأعمارهم، ومناسبا لاخطائهم (والحزم المقصود به القدرة على الثبات على الكلمة مهما كانت المؤثرات، مع الحفاظ على الهدوء واللطف قدر المستطاع، فإن لزم الأمر العقاب، عاقبت دون خشية زعلهم أو ردة فعلهم، والعقوبات المعنوية هي المقصود الأعظم من كلمة عقوبة، ولا يُلجأ للعقوبة المادية إلا في حالات خاصة جدا، ومع أعمار معينة)

9-    الطفل بحاجة إلى شديد تكرار وملاحظة وتعليق على تصرفاته، وكلما كبر احتجت لمقدار كبير من التغافل، حتى لا أقنطهم من رحمة الله، ولا أيئسهم من الصلاح بسبب كثرة انتقاداتي وتوجيهاتي.

10-           لابد وأن تنصبغ علاقتي معهم بكثير من حسن الظن، فأغلب إساءاتهم سلوكية جارحية، ليس لها جذور حقيقية من مكر أو ظلم أو إرادة الشر... كما قد يبدو.

11-           من حقهم أن أتعامل معهم على أنهم بشر مستقلين، فيظل حول كل واحد فيهم دائرة من الحرية لا أستطيع كسرها والتعامل معهم وكأنني إله ! وهذه الدائرة تكون ضيقة جدا في صغرهم، وتتوسع كلما كبروا. فلأحرص على أن لا أتجسس عليهم إلا للضرورة، وإن تجسست أحرص على أن لا أكسر سترهم واحترامهم أمامي، وأتعامل مع الموقف بما يناسبه من ورائهم قدر المستطاع.

12-           - بعض ملامح دائرة حريتهم:

-           الدائرة التي تخصهم لوحدهم، إما في علاقتهم مع أنفسهم، أو في علاقتهم مع الله. فلا أتجاوز حدودي في التدخل في طعامهم وشرابهم ولباسهم (من جهة الذوق) وهواياتهم... الخ، كما لا أحاول اكتشاف أسرار علاقتهم بربهم، إن كان من جهة العبادات، أو من جهة المعاصي الخفية التي يسترون أنفسهم لفعلها، ويسترهم الله تعالى عليها.

-         الدائرة التي لا يعتدون فيها على حقوق الآخرين، إن كان بالظلم أو الإهمال أو الأنانية... الخ، فإذا تعدى سلوكهم على حقوق أحد غيرهم، فإن علي التدخل بما أعطاني الله تعالى من سلطة عليهم في محاولة منع هذا الاعتداء، مع كثير من التوازن، وحسن الظن، ومحاولة الإصلاح باللطف والحسنى، ومحاولة تأليف القلوب على بعض قدر المستطاع، ولفترات طويلة، فإن عجزت إلا بالشدة، فإنني أشد عليهم بما يناسب الموقف مرغمة.

-         الدائرة التي لا تتسبب لي أنا بالإثم ! فإن جاهروا بالمعصية أمامي، فإنه لا يحق لي أن أسكت عنهم أو أتركهم، بل إنه من واجبي أن أمنع المنكر الذي قد يندفعون إليه لأن الله تعالى قد أعطاني السلطة لذلك، أما إن فعلوه دون علمي فهذا بينهم وبين ربهم. كأن تطلب ابنتي أن لا تتحجب مثلا، فإنه لا يحق لي أن أسمح لها بحجة أنها لم تقتنع، أو أنها حرة ! لأنني سأشاركها الإثم بذلك. أو ان يعلق ابني صورا على حائطه، أو يستمع إلى الموسيقى أو يشاهد الأفلام مجاهرة، فإنني إن تركته بحجة أن لا أضغط عليه شاركته بالإثم، لكن إن فعله لوحده مستترا دون أن أتجسس عليه فهذا بينه وبين ربه "كل أمتي معافى إلا المجاهرون".

-         الدائرة التي لا تضع ابني أو ابنتي في خطر بسبب عدم نضوجهم، فإن وضعوا أنفسهم في خطر وجب علي أن أتدخل لأمنعهم عن هذا الخطر (وكل خطر بحسب حجمه، دون مبالغة ولا تهور) فلا أترك ابنتي تتعرف على شاب بحجة أن ترى بنفسها حقيقة الأمر، أو بحجة أن تتزوج، ولا أترك ابني يسافر لوحده أو مع شباب بحجة أنه مسؤول عن نفسه وأنا أثق به! يجب ان أتعلم من شرع ربي ما الذي يسمح لي أن أتدخل فيه معهم وما الذي لا يسمح لي، وهذا يحتاج إلى طلب علم من العلماء. "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"


13-           يجب أن يروا أنني بشر أخطئ وأصيب وأعتذر وأصلح من نفسي، ولا أتعامل معهم وكأنني مقدسة منزهة لا أعتذر ولا أغير من نفسي، لأنهم سيصبحون مثلي حينما يكبرون.

14-           يجب أن أشغل قلوبهم وعقولهم أولا بطلب العلم، وأحرص على ملئهم منه قدر المستطاع، إن أتيح لي مكانٌ ثقة آمن لذلك كان بها، وإن لم يتح لي توليت أنا أو أحد أقاربهم الثقة هذه المهمة.

وهنا ننتبه إلى منظومة التعليم في زماننا، أنها تحتوي على كثير من الأخطاء، وكثير من الضغط النفسي والبدني على أبنائنا، وتتعامل معهم دون مراعاة قدراتهم ولا تخصصاتهم، فهذا جزء من البلاء الذي لن ينصلح إلا بانصلاحي أنا ومن حولي، حتى يعود المجتمع للتوحيد، فيكافأنا الله تعالى بإصلاح أحوالنا.

لكن من مهماتي العظيمة في التعامل مع هذا الأمر: أن أعلم أن هذه الورقة (الشهادة) ليست إلها من دون الله، ولا تملك لهم حقيقةً نفعا ولا ضرا، فلا أرتكب هذه الجريمة في حقهم أن أجعل حياتهم تدور حول هذه الشهادة، وقلوبهم تتعلق بكل درجة وربع درجة فيها، ثم اطالبهم أن يكونوا عبيدا لله موحدين!
يجب أن أهدأ كثيرا في الحرص على درجات المدرسة، وأن أهتم كثيرا في ملأ قلوبهم بالتوحيد، الذي سينجيهم الله بسببه –في الدنيا- والآخرة.

15-           يجب أن أسعى قدر المستطاع للحفاظ على صحتهم، والاهتمام بطعامهم، وإن كان غير مكلف، فلا أستهتر بنعمة الصحة التي أعطاهم الله إياها بملأ جسمهم بالمواد الحافظة والأطعمة المضرة، بل أعودهم على التمر واللبن والثريد والخضراوات المهمة، ومقدار معقول من البروتين قدر المستطاع، ولا أعطيهم ما يدمر صحتهم كالمشروبات الغازية أو الوجبات السريعة... الخ. فهم أمانة، سأسأل عنها.

16-           نعود ونكرر.. لن أحقق من وراء كل ذلك صلاحا حقيقيا وبركة، إلا بشدة الاستعانة والتذلل إلى الله، فلا يفتر لساني، فقد أعطاني الله تعالى سلاحا أنجز به مهمتي، أن دعائي فيهم مستجاب.


هذه مجرد إضاءات، فإن من الله تعالى علينا بنقاط أخرى فمن فضله ومنه وكرمه سبحانه.







هناك 5 تعليقات:

  1. - - بعض ملامح دائرة حريتهم:



    - الدائرة التي تخصهم لوحدهم، إما في علاقتهم مع أنفسهم، أو في علاقتهم مع الله. فلا أتجاوز حدودي في التدخل في طعامهم وشرابهم ولباسهم (من جهة الذوق) وهواياتهم... الخ، كما لا أحاول اكتشاف أسرار علاقتهم بربهم، إن كان من جهة العبادات، أو من جهة المعاصي الخفية التي يسترون أنفسهم لفعلها، ويسترهم الله تعالى عليها.



    - الدائرة التي لا يعتدون فيها على حقوق الآخرين، إن كان بالظلم أو الإهمال أو الأنانية... الخ، فإذا تعدى سلوكهم على حقوق أحد غيرهم، فإن علي التدخل بما أعطاني الله تعالى من سلطة عليهم في محاولة منع هذا الاعتداء، مع كثير من التوازن، وحسن الظن، ومحاولة الإصلاح باللطف والحسنى، ومحاولة تأليف القلوب على بعض قدر المستطاع، ولفترات طويلة، فإن عجزت إلا بالشدة، فإنني أشد عليهم بما يناسب الموقف مرغمة.



    - الدائرة التي لا تتسبب لي أنا بالإثم ! فإن جاهروا بالمعصية أمامي، فإنه لا يحق لي أن أسكت عنهم أو أتركهم، بل إنه من واجبي أن أمنع المنكر الذي قد يندفعون إليه لأن الله تعالى قد أعطاني السلطة لذلك، أما إن فعلوه دون علمي فهذا بينهم وبين ربهم. كأن تطلب ابنتي أن لا تتحجب مثلا، فإنه لا يحق لي أن أسمح لها بحجة أنها لم تقتنع، أو أنها حرة ! لأنني سأشاركها الإثم بذلك. أو ان يعلق ابني صورا على حائطه، أو يستمع إلى الموسيقى أو يشاهد الأفلام مجاهرة، فإنني إن تركته بحجة أن لا أضغط عليه شاركته بالإثم، لكن إن فعله لوحده مستترا دون أن أتجسس عليه فهذا بينه وبين ربه "كل أمتي معافى إلا المجاهرون".



    - الدائرة التي لا تضع ابني أو ابنتي في خطر بسبب عدم نضوجهم، فإن وضعوا أنفسهم في خطر وجب علي أن أتدخل لأمنعهم عن هذا الخطر (وكل خطر بحسب حجمه، دون مبالغة ولا تهور) فلا أترك ابنتي تتعرف على شاب بحجة أن ترى بنفسها حقيقة الأمر، أو بحجة أن تتزوج، ولا أترك ابني يسافر لوحده أو مع شباب بحجة أنه مسؤول عن نفسه وأنا أثق به! يجب ان أتعلم من شرع ربي ما الذي يسمح لي أن أتدخل فيه معهم وما الذي لا يسمح لي، وهذا يحتاج إلى طلب علم من العلماء. "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"

    ردحذف
  2. تم إضافة هذا الجزء للمقال، عسى الله أن ينفعنا به

    ردحذف
  3. نفعنا الله وبورك فيكم

    ردحذف
  4. نفعنا الله وبورك فيكم

    ردحذف

أرشيف المدونة الإلكترونية