~كتاب الله~
هو الهدى والنور والروح والرحمة والشفاء والبركة والبرهان والحكمة والحق...
نحتاج أن ننكب على تدبره وفهمه وإسقاطه على قلوبنا وأبداننا لنصلح لمجاورة الله في الجنة


تابعونا

على الحساب الموحد في تويتر وانستجرام @TadabbarAlquran

تابعوا مدونة "علم ينتفع به" تحوي تفاريغ دروس الأستاذة أناهيد السميري جزاها الله خيرا ونفع بها http://tafaregdroos.blogspot.com

الأحد، 4 أغسطس 2013

أمراض قلبي << من كتاب الله 5

  
"أمراض قلبيمن كتاب الله"




يقول العظيم سبحانه:

{ويلٌ للمطفّفين!
الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون
وإذا كالوهم أو وزنوهم يُخسِرون}



لو قال لك رئيسك في العمل: يا ويلك منّي!
ماذا ستشعر !؟


 لو مرّ عليك أحد الوزراء في مكان عملك، ثم نظر إليك وقال: ويلٌ لك مني!

لو أصدر رئيس الدولة بياناً في التلفاز يقول فيه: ويلٌ لفلان ابن فلان.. فليقف أمامي فقط!!!

ماذا سيحدث في قلبك.. والتهديد يأتيك من بشر (لا يتعدى كونه ضعيف وفقير ولا يملك من حياته ولا موته شيئا) !!؟

كيف إذا قال لك الملك سبحانه:

{ ويلٌ لك !!! }

فأنا أحوج ما أكون لأعرف ما الذي أغضب الملك لهذه الدرجة حتى يهدد هذا التهديد المخيف!!؟

ألا يمكن أن يكون فيَّ شيء من هذا الذي أغضبه سبحانه.. فأســـارع لمجاهدة نفسي والتخلص منه !؟؟؟؟



الويل: تهديدٌ بالعذاب والحزن والشقاء الدائم

وقيل: الويل: الوادي الذي يسيل من صديد أهل جهنم!

ويلٌ لهؤلاء المطففين.. من هُم !؟

{ الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون * وإذا كالوهم أو وزنوهم يُخسرون }

قد نظن أن المقصود هم التجار فحسب.. لكن لنعمّق فهمنا للآية أكثر..

المطففون.. الذين:

 إذا كان لهم عند أحد حقّ، إن كان حقاً ماديا ( كالمال والأغراض والعقارات والبضائع... الخ)

أو معنويا ( كالاحترام والمُراعاة والأخوة والرّحم والبِر والعاطفة والاهتمام والنُّصرة والخدمة والمعونة والعدل والأدب...)

 فإنهم يُطالبون الطرف الآخر به
ويحرصون على استيفائه
ولا يرضون أن ينقص منه شيء
ويغضبون إن شعروا أنه سينقص
ويلومون الطرف الآخر على التقصير فيه
ويُحاربون ويتصارعون من أجله...


 لكن..إذا كان عليهم الحق
ووجب عليهم شيء لمن أمامهم
أو طالبهم الطرف الآخر به
أو لامهم على التقصير فيه...


 فإنهم يتكاسلون في أدائه
أو يتغافلون عنه
أو يُماطلون فيه
أو يُهملونه وينشغلون بأمورهم الشخصية
أو يجدون لأنفسهم الأعذار على عدم أدائه كما يجب
... يتهاونون في أداء الحق الذي عليهم!


وكلمة التطفيف: جاءت من الشيء الطفيف، أي أن أزيد في حقي، أو أُنقص من حق غيري ولو بشيء طفيـــــف  ، أي قليل!


فهل نخلوا أنا وأنت من هذه الصفة!!!؟؟



فلنتفكر في أنفسنا:

•مع أزواجنا
•وأبنائنا
•وإخوتنا
•والمُراجعين الذين يأتوننا في عملنا
•وفي شرائنا وبيعنا
•ومع خدمنا
•ومع رؤسائنا في العمل
•ومرؤوسينا...

فلأفكر في نفسي كطالب في المدرسة مع معلمي.. وكمعلم مع طلابي!

فلأفكر في نفسي حينما أزجر المستضعفين من تحتي ( أبنائي، خدمي، موظفيّ.. ) وشعوري إذا زجرني من فوقي (والدتي، رئيسي، أخي الكبير...)

فلأفكر في نفسي حينما لا أرضى أن يعترض ابني علي بكلمة (ولو كنت مخطئا) ثم أخرج في مظاهرات على ولي أمري وأتسبب بإشعال نار فتنة.. لأنه أنقص علي شيئاً من الدنيا!!

فلأفكر في نفسي (كامرأة) حينما أبغض النساء المتبرجات إذا نظر إليهن زوجي.. ثم أصبغ وجهي وملابسي بالزينة وأخرج أمام أزواج المسلمين!!

فلأفكر في نفسي حينما لا أرضى أن ينتقدني أحد أمام الناس (حفظا لماء وجهي وستراً علي... ) ثم أطلق لساني بغيبة الناس وانتقادهم في كل مجلس!

فلأفكر في نفسي حينما أهمل زوجتي وبيتي ولا أؤدي حقوقهم، ثم أثور كالبركان إذا أخطأت زوجتي في حقي!

فلأفكر في نفسي حينما أغضب من موظف أخّر إنهاء معاملتي بسبب تسيبه في مواعيد عمله، ثم أتملق لرئيسي في العمل ليخرجني قبل انتهاء الدوام، ويتغاضى عن تأخيري في أوله!!

...

{  ويلٌ للمطففين  }



متى أصبح من المطففين؟
أين تكمن المشكلة؟!

المشكلة حينما يكون "جُلُّ" تركيزي
على نفسي
وحاجاتي
وشعوري
وأمنياتي
وأحلامي
ورغباتي...

وأنسى تماما..أو أتناسى!
مشاعر من حولي
وحاجاتهم
وحقوقهم
ورغباتهم
وأحلامهم...

لهذا قال حبيب الله صلى الله عليه وسلم

"لا يؤمن أحدكم 
حتى يُحب لأخيه ما يحب لنفسه"
متفق عليه


لا يتحقق في قلب عبد الإيمان

حتى يعلم
أنه هو وأخيه ( واحد )
أن كليهما عبيد.. ضعفاء.. فقراء

حتى يعلم أنه لا فضل له على أخيه أبداً يجعله يستحق معاملة خاصة
أو اهتماما أكثر

حتى يعلم أنه مُختبَرٌ بإخوته من حوله
مختبر بالأب والابن والأخ والخادم والموظف والرئيس والحاكم....

{وجعلنا بعضَكم لبعض فتنة.. أتصبرون!؟
وكان ربُّك بصيرا}
الفرقان ٢٠


لا يتحقق الإيمان في قلب عبد
حتى يعلم أن اختباره

أنه يعيش في منظومة من الحقوق
ابتداء بحق الله.... إلى حقوق الجمادات من حوله!

ونتيجة اختباره قائمة على مقدار ما أدى من هذه الحقوق



فكلما زاد تركيز الإنسان على مشاعره ورغباته وحاجاته هو... فليكن متأكدا

أنه مقصر في كثير من الحقوق من حوله، وقد يكون داخلا في دائرة الظلم (التطفيف)

وكلما وجد الإنسان نفسه حريييصاً على أداء اختباره كما يجب
حريصا على حقوق من حوله
حريصا على تثقيل ميزانه
مهموما بوقوفه بين يدي الملك العدل يناقشه ويحاسبه..

فليعلم أنه على خير.. لأنه يجاهد
ولو قصر في أداء الحقوق كما يجب.. فإنه يرجو من الله أن يسدد ثغراته ويحمل عنه من الأوزار ما عجز عن حمله في الدنيا

لهذا كان من دعاء النبي عليه الصلاة والسلام قبل النوم في كل ليلة:

"... اقض عنّي الدين.. وأغنني من الفقر "

 يااارب.. اقض عني ديوني: يعني أعني على أداء الحقوق التي علي، التي هي كالديون التي سأوفيها يوم القيامة!

وأغنني من الفقر: لا تجعل فقري ولا حاجتي ولا ذلي عند أحد سواك


فلنراجع أنفسنا جدّيّاً يا إخوتي.. فالوعيد شديد 



اللهم أنت الحليم الرحيم الرؤوف الهادي
يا واسع الحلم
واسع الرحمة
واسع المغفرة

أنزل الهداية في قلوبنا، وصُب الإيمان في قلوبنا صباً، وأعنا على أن نكون كما تحب أنت وترضى
واقبلنا يارب.. وأمتنا على ذلك
واجعل خير أيامنا يوم لقاءك
اللهم امين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أرشيف المدونة الإلكترونية