بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله
يقول ربي عز وجل { الله لا إله إلا هو الحي القيوم، لا تأخذه سِنَةٌ ولا نوم }
لنعرف~الله~من كتاب الله
الحي
القيوم
الحكيم سبحانه
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله
يقول ربي عز وجل { الله لا إله إلا هو الحي القيوم، لا تأخذه سِنَةٌ ولا نوم }
البقرة(255)
ويقول سبحانه {ما يفتح الله للناس من رحمةٍ فلا مُمسِك لها، وما يُمسك فلا مُرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم} فاطر(2)
ماذا يعني الحي في حق الله تعالى؟
الحي: هو المتصف بكمال الحياة، الحي الذي لا يموت، لم يسبق حياته عدم، ولا يلحقها زوال.
كون الله هو الحي، كامل الحياة، حياةً تليق بجلاله وعظمته وحسنه سبحانه، يستلزم هذا أن تكون كل صفات الحياة كاملة فيه
فهو كامل البصر
كامل السمع
كامل العلم
كامل القدرة.. كما يليق بجلاله وعظمته جل في علاه
ولهذا.. لا يأتي على الله تعالى وقت لا يسمعك فيه!
أو وقت لا يراك فيه!
أو وقت يغفل عنك فلا يعلم حالك!!
أو يأتي عليه وقت لا يستطيع التعامل معك كما ينبغي مما يشاؤه سبحانه، فينتظر الوقت الملائم الذي يستطيع التعامل معك فيه !!
هو الحي دائم الحياة وكاملها سبحانه.
وهو القيوم عز وجل : القيوم لغةً: من صيغ المبالغة، تعني القيام على الشيء، ورعايته والمحافظة عليه وإصلاحه وتدبيره..
فالقيوم جل في علاه : هو القائم على "كل نفس" بما كسبت، يدبر شؤون مخلوقاته في العالم العلوي والسفلي في كل لحظة، يرزقهم، ويربيهم، ويحفظهم، ويرعاهم...
قيوميته سبحانه كاملة تامة، فـ { لا تأخذه سنة ولا نوم }
فياأيها العبد المبارك – يامن خلقت لهدفين فقط : لتعرف ربك، فتقضي حياتك في معرفته، ثم لتعبده كما يحب هو ويرضى، حتى يكافأك ( بفضله وإحسانه ) بجنة عرضها السماوات والأرض –
اعلم أن ربك سبحانه لم يخلقك، ويضع لك قوانين تحكم حياتك، ثم ذهب لينام ! سبحانه
واعلم أنه لا ينشغل عن تدبيرك في وقت، لأنه مشغول بتدبير عبيده في مكان آخر !!
ولم يخلقك.. وينزل لك كتابا تهتدي به، ثم جلس يتفرج عليك وعلى تفاعلك مع بقية المخلوقات، دون أن يتدخل فيكم، ثم يحاسبكم فقط يوم القيامة !!!
اعلم أن ربك تبارك وتعالى هو القيوم !
قائم على كل ذرة في جسمك
قائم على قلبك وقلوب من حولك
قائم على رزقك وأرزاق العالمين
قائم على تربية كل عبد من عبيده بما يلائمه ويلائم اختباره في هذه الدنيا...
ومن رحمة القيوم وإحسانه سبحانه، أنه لم يتركنا نحتار في فهم قيوميته، ولكنه علمنا بالضبط كيف يدبرنا ويربينا في كتابه الذي أنزله لنا.. لمن آمن به وأيقن بما فيه
فعندما يقول لك سبحانه { ومن يتق الله يجعل له مخرجا، ويرزقه من حيث لا يحتسب }، { ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا }
فهو هنا يخبرك بالضبط كيف سيتعامل معك إذا اتقيته وحرصت على رضاه وإن خالف هواك!
فإذا واجهت مشكلة مع أهلك، فصبرت على التقوى، وجاهدت واستعنت بربك حتى لا تخرج عن دائرة ما يحبه ويرضاه، وأنت مخالف لعقلك وهواك في هذا..
فأنت موقن !
أن القيوم ليس غافلا عنك، ولن يتركك
بل يقينا سيفيك ما وعدك.. سيجعل لك مخرجا، ويجعل لك من أمرك يسرا ( فهو القائم على قلوب من حولك، وهو القائم على قراراتهم وأفكارهم، وهو القائم على الكون، فيدبر لك أحداثا تخرجك من هذه المشكلة بأيسر وألطف ما يكون )
لا تظن أن الناس يتحكمون في شيء، ولا تظن أن الناس ثابتين في آرائهم ومشاعرهم وقراراتهم.. والله لا يملكون من أمور نفوسهم ولا قلوبهم شيئا !
فرزقك الذي يأتيك عن طريقهم، لا يأتيك به إلا ربك القيوم سبحانه
{ وإن يمسسك الله بضُرّ فلا كاشف له إلا هو، وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير(17) وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير(18)} الأنعام
فهو القاهر فوق عباده الذين يقلقونك ويخيفونك وتظن أنهم شيء !! هو القاهر عليهم سبحانه، في لحظة يتغير كل شيء، إن أراد ذلك سبحانه.
وهذا لا يعني أن تضع يدك على خدك ولا تأخذ بالأسباب الشرعية التي تُرضي الله عز وجل
ولكن اعلم أن الأسباب أصلا لا يأتي بها إلا الله، ولا ينفعك بها إلا الله، ولا يأتيك بالنتيجة من ورائها إلا الله.. فابق على بابه سبحانه
أخبرك سبحانه في كتابه فقال { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير } الشورى(30)
وقال { من يعمل سوءاً يُجزَ به } النساء(123)
فإذا عصيته ( معصية قلبية أو جارحية ) فتوقع أحد أمرين: إما أن تدخل معصيتك في قوله {ويعفو عن كثير} أو أن تصيبك بسببها أي مصيبة تؤذيك، في الدنيا أو الآخرة
كيف تكون عقوباته في الدنيا؟
-مرض
-خسارة مال
-ضيق صدر، هم وحزن
-تعسير أمورك ومعاملاتك وتحركاتك (وكلنا يفهم ماذا يعني التيسير وماذا يعني التعسير!)
-شحناء بينك وبين من تحب
-تسلط أحد عليك بأذيتك
-تخلي أحد عنك وقت حاجتك إليه
...
وقد تكون العقوبة في دينك، وهذه أخطر:
-نقص عباداتك
-تهاونك في ذنوب لم تكن تتهاون فيها
-سوء خلقك
-نقص استشعارك بقرب الله تعالى والأنس به ومعيته
-إغلاق فهمك للعلم والقرآن كما كنت تفهمه
-نسيانك لما كنت تحفظ من القرآن أو الحديث
-حرمانك حلق العلم وطلبه
...
ما الغاية من العقوبة؟ هل هي للتشفي مثلا !!
حاشاه ربي..! حاشاه الملك الكريم الرحيم العظيم الغني اللطيف المحسن سبحانه
إنما الله القيوم الحليم يعاقبنا لهدفين:
1-لتكفير الذنوب "ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب..... إلا كفر به من خطاياه"
2-لينبه عبده ويوقظه حتى يرجع ويتوب { ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء.. لعلهم يتضرعون! } الأنعام(42)
فإذا تاب توبةً صادقة غسل الندم فيها قلبه، رُفعت العقوبة
ولابد أن تعلم أيها العبد.. أن ملكك ومولاك {حكيم}
الحكيم سبحانه : هو المتقن لما يفعل، الذي يضع الأشياء في مواضعها المناسبة لها.
فالأمور لا تجري في كونه عبثا ولا تسلية!
[تبارك الله وتعالى عما يظن من لا يعلم عنه علوا كبيرا]
فهو يعطيك ما يناسبك أنت تحديدا حتى تنجح في هذا الاختبار
ويمنع عنك ما لا يناسبك أنت تحديدا
أنت لا تعلم حقيقة ما يناسب قلبك وإيمانك وانشغالك وهمومك... ولكنه اللطيف الخبير يعلم سبحانه
فالحكيم : يُعطيك رحمة بك وإحسانا، ثم ليختبرك أتشكره أم تشكر غيره!
ويمنعك لطفا بك وحكمة، ثم ليختبرك أتصبر على منعه وتثق به أم تسيء الظن به وتجزع!
{ ونبلوكم بالشر والخير فتنة، وإلينا ترجعون}
كما أن ربك سبحانه حكيم في شرعه
حكيم حينما نزل إليك هذا الدين الكامل الشامل.. بأدق تفاصيله
الدين الذي يخرج الناس والقلوب من الظلمات >> إلى النور والإبصار والانشراح والهداية والسعادة..
الدين الذي فصّل لك فيه ما إن أيقنت به وطبقته، أصلح لك حياتك وآخرتك أنت ومن حولك
ولكل عبد نصيب من الصلاح والأمن، على قدر ثقته في دين الحكيموتطبيقه في قلبه وجوارحه
يا إخوتي.. يا من تفضل الله عليكم بأن وُلدتم في هذا الدين العظيم
إن ربكم قد جعل لحظاتنا في هذه الدنيا اختبار
ولا نخرج من هذه الاختبارات حتى تخرج أرواحنا من أجسادنا
فما السؤال المحوري الذي تدور حوله كل أسئلة الاختبار ؟
{ فما ظنكم برب العالمين !؟}
ماذا تظن في الله؟
ماذا تظن في ربك خالق السماوات والأرض!؟
هل تظن فيه أنه حكيم ورحيم، وأنه لم يُقدّر عليك إلا الخير الذي يناسبك؟
هل تظن فيه أنه قيوم، وأنه هو المتصرف على الحقيقة في الأقدار التي تجري من حولك، وعليك فقط أن تتعلم عنه من كتابه وسنة نبيه لتعرف كيف تفسر أقداره فتتعامل معها كما ينبغي!؟
هل تظن أنه يحسن إليك ويغرقك بالنعم الظاهرة والباطنة (وحده)؟ وأنك يجب عليك أن تبذل أنفاس عمرك في حمده وشكره كما يحب هو ويرضى، فلا تغفل عن عظيم إحسانه إليك من جهة، ولا تنسبه إلى نفسك أو إلى غيرك من جهة أخرى؟
هل تظن أنه يضيع عملك أو جهادك أو مقاومتك لشهوات قلبك !؟ أو أنه ملزم أن يعطيك أجرها في الدنيا حتى ترضى !؟
هل تظن أن إعطاءه الدنيا لأناس يعني أنه راض عن فعلهم وتارك لهم لأنه يحب ما يفعلون؟ وأن ابتلاءه لأناس آخرين دليل على غضبه عليهم ومقته لهم لهذا أخذ منهم الدنيا !!!!؟؟
الذي يجب أن تظنه في ربك، هو ما أخبرك به عن نفسه وعن كمال صفاته وأفعاله في كتابه وسنة نبيه، لا ما تتصوره في عقلك القاصر ومشاعرك المتقلبة.. لهذا وجب عليك أن تتعلم عنه من كتابه وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، تتعلم عن صفاته ودقائق أفعاله مع خلقه سبحانه
فتعلم عن ربك
وافهم كيف يعاملك لحظة بلحظه.. إن أحسنت أو إن أسأت..
استشعر حقيقة أنه هو الذي يعاملك.. وليس فلان أو فلان!
حينها فقط ستشعر ماذا تعني محبة الله؟
وماذا يعني تعظيم الله؟
وماذا يعني تمام التوكل على الله؟
وماذا يعني دوام الذل والعبادة لله؟
حينها سيصح توحيدك.. ويصح سيرك إليه.. ويصح قلبك
فترجو منه أن لا يتوفاك إلا بقلب سليم
اللهم علمنا عنك ما يملأ قلوبنا محبة لك، وتعلقا بك وحدك، وتعظيما لك وحدك، وتمام توكل عليك وحدك
وأصلح قلوبنا بلطف، وأفرغ علينا صبرا
ولا تكلنا إلى سواك طرفة عين
اللهم آمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق