~كتاب الله~
هو الهدى والنور والروح والرحمة والشفاء والبركة والبرهان والحكمة والحق...
نحتاج أن ننكب على تدبره وفهمه وإسقاطه على قلوبنا وأبداننا لنصلح لمجاورة الله في الجنة


تابعونا

على الحساب الموحد في تويتر وانستجرام @TadabbarAlquran

تابعوا مدونة "علم ينتفع به" تحوي تفاريغ دروس الأستاذة أناهيد السميري جزاها الله خيرا ونفع بها http://tafaregdroos.blogspot.com

الثلاثاء، 8 أغسطس 2023

أين الخلل في كثير من العلماء وطلبة العلم في زماننا!؟

 بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله


هناك انواع كثيرة جدا من الخلل تنتشر في زماننا في فئة (العلماء، أو طلبة العلم، أو 

المنتسبين للاستقامة، أو المنتسبين للسلف أو أهل السنة والجماعة)

 

وستجد أيها القارئ هنا في هذا الكتاب المطبوع، والمنشور على المدونة

تأصيلات كثيرة في هذا الموضوع:

https://drive.google.com/file/d/11cxtmSzKMLGVJm4YDOfqkqo3kxGEsENX/view?usp=sharing



لكننا سننبه هنا على خلل واحد فقط.. وهو خلل جذري.. 

وواضح.. ويعتبر حائطا مانعا بين هؤلاء العلماء وطلبة العلم وبين نفع الناس وهدايتهم!

 

دائما كان البشر (ومنذ فجر التاريخ) يشتكون من الملوك

أنهم محتجبون عنهم وعن حاجاتهم

 

ودائما ما كان يوصف الملوك (المترفين) وحاشيتهم

(من وزراء وأمراء ووكلاء... الخ) أنه يصعب الوصول إلى أحدهم،

خاصة إذا كان من يريد الوصول إليهم مستضعفا أو مغمورا

 

وفي مثل هؤلاء نزلت التحذيرات من الله تعالى على مثل هذه الحال

👇


ولكن لأنّ رسول الله ﷺ لا ينطق عن الهوى

 والله جل جلاله  يعلم تفاصيل الأحوال التي يمكن أن تمر على عبيده

 

قال رسوله ﷺ هذا الحديث بهذه الصيغة العامة! (من ولاه)، (شيئا)

 

فشمل الحديث كل من له رئاسة أو قوامة على أحد من الناس:

 

* فالزوج متولٍّ أمر زوجته

 * والأب والأم متوليان أمر أبنائهما - أو من يقوم مقامهما من المربين

* والرئيس في أي وظيفة متولّ أمر مرؤوسيه

* والوزير متولّ كل من تحته

* والحاكم متولّ كل من تحته

...

* والعالم وطالب العلم.. متولين أمور الأمة كلها في كل ما يتعلق بدينها!

 

 قال الشيخ عبد المحسن العباد في شرح الحديث:

 

الخلة والفقر والحاجة متقاربة في المعنى، ومعنى ذلك أنه

لا يكون على اتصال بهم

من أجل القيام بقضاء حوائجهم، وسد خلتهم، وما إلى ذلك مما هم بحاجة إليه،

فإن الله تعالى يجازيه بأن يكون كذلك دون خلته وحاجته وفقره،

فالجزاء من جنس العمل، فكما أنه يعامل الناس هذه المعاملة فالله تعالى يعاقبه بهذه العقوبة.

 

[شرح سنن أبي داود]

 

 

 

وقال أبو الطيب:

 

 ( فاحتجب دون حاجتهم ) أي امتنع من الخروج أو من الإمضاء عند احتياجهم إليه

( وخلتهم ) بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام الحاجة الشديدة،

والمعنى منع أرباب الحوائج أن يدخلوا عليه ويعرضوا حوائجهم!

قيل الحاجة والفقر والخلة متقارب المعنى، كُرّر للتأكيد

( احتجب الله عنه دون حاجته وخلته وفقره ) أي أبعده ومنعه عما يبتغيه من الأمور الدينية أو الدنيوية، فلا يجد سبيلا إلى حاجة من حاجاته الضرورية.

 

[عون المعبود]

 

  

لقد كان متعارفا على أن الملوك يصدر منهم هذا..

وقد يكون لهم أعذار أحيانا (كونهم مشغولين بأحوال بلاد بأكملها)

ومع ذلك نزل فيهم هذا الوعيد الشديد، ولم يُعذروا!

 

 

لكن من كان يتخيل أن يصل حال

"علماء الدين وطلبة العلم" إلى مثل هذا!؟

 

بل وأن يصبح هذا هو العرف المقبول مُجتمعيا!!!

بحيث صار "العوام" يظنون أن هذا هو الوضع الطبيعي!!!

وأنه من حقوق طلبة العلم!!!!!

 

وأنّ من الأدب معهم احترام خصوصيتهم

وعزلتهم (الغالبة عليهم)...!

ثم الذهاب لممارسة الحياة كلٌّ بفهمه وأهوائه (وهو يظن أن هذا هو الدين)!!؟

 

 

كيف حدث هذا!؟

 

بسبب حياة الترف التي غرق فيها طلبة العلم

(حتى الفقراء منهم.. لا تكاد تخلوا حياتهم من ترف أنتجته طبيعة الحياة الحديثة)

وهذا الترف الذي من نتائجه استغناء الناس عن بعضهم،

وانعزالهم عن بعضهم، حتى يشعر كل منهم أن بيته هو

عالمه المعزول الذي من حقه أن يختبئ فيه ما شاء أن يختبئ

(وإن كان في طلب العلم وتحضير رسائل الدكتوراه!!! بظنه)

 

  

ولكنّ هذا لم يحدث أبدا في تاريخ الإسلام!

 

بل إنّ هذا لم يكن يحدث حتى بين عوام المسلمين مع بعضهم...!

فقد كانوا (ولازالوا في بعض البيئات) منغمسين في

حياة بعضهم، يعايشون الناس في خروجهم ودخولهم

ومصالحهم، يشاركون الناس في تجاراتهم ومصانعهم ومشاكلهم...

  

وهذان نموذجان مختصران جدا لذلك 👇





ناهيكم عن عالِم أو طالِب علم يفترض أن يكون من أكثر الناس معايشة للناس!

 لشدة حاجة الناس إلى علمه، وفهمه للواقع،

ورده للشبهات، ووعظه للغافل، وتبيينه للمحتار.....

 

(هذا ولم نذكر إلى الآن أن هذا العالم وطالب العلم بنفسه بشر!

وله عيوب وأخطاء.. هو بذاته بحاجة إلى معاشرة الناس

حتى ينصحوه ويقوموه حينما يبدر منه خطأ أو سوء فهم... الخ)






 

الآن في زماننا (وفي بيئات المترفين تحديدا)

يواجه الناس صعوبة شديدة جدا - وربما استحالة! -

في الوصول لعالم، أو لطالب علم

(إن كان واقعيا، أو على الهاتف -

وقد تكون النساء أكثر معاناة من الرجال في هذا)

 

فإذا وصل إليه.. وجد صعوبة شديدة في الكلام معه!

 

فإذا تكلم معه.. لم يعطه من سعة الصدر والترحيب

ما يسمح له بالسؤال عن حقيقة ما في قلبه

(وإنما يصله شعور واضح منه وممن حوله.. أنه مستعجل..

فهات ما عندك باختصار شديد!) فيشعر السائل بحرج،

وخجل، وأنه غير مؤدب، وأنه ثرثار، ومتنطع، ومماري!

وربما مبتدع!!!! إذا شرح ما يجول في خاطره!

 

فإذا سأل سؤاله المختصر..

حصل من ذاك "العالم" على إجابة أكثر اختصارا!!

 

ويا ويله إذا فكر أن يراجع "الشيخ" ليستفهم منه تفاصيل الفتوى!!!

 

وهو في الغالب لن يفعل ذلك أصلا!

لأن هناك ضغطا مجتمعيا يمارس عليه الآن...

حتى اقتنع هو أن الأدب في سؤال العالم أن تأخذ (الكلمتين)

اللتين تفضل بهما عليك.. وتطبقهما حرفيا (أشد مما تطبق آي القرآن!)

 

 

هذا ليس حال "العالم" الحقيقي

 وليس حال "طالب العلم" الصادق

بل وليس حال "المؤمن"!

 

وإنما هذا حال المتكبرين.. الأنانيين.. الذين تلبسوا بلباس العلم والدين وهو منهم براء

   

فإن العلم ما نفع.. وليس العلم ما حُفظ!





فكيف تتصورون نتيجة هذا الحال الذي أصبح عرفا الآن

 وأصبح من يخالفه هو سيء الأدب والمجادل بالباطل والسفيه... الخ!؟

 

النتيجة هي التأصيل لمذهب العلمانية عند المسلمين!

ما دخل العلمانية في الموضوع!؟

العلمانية: هي فصل الدين عن الدنيا

 

وهذا الخُلُق البغيض الذي عُلّمه الناس على أنه دين!!

أوصلهم إلى استنتاج (خفي في قلوبهم):

 

أنّ تفاصيل حياتهم لا دخل للدين بها!!

 لأن "أهل الدين"! ينفرون ممن يناقشهم فيها، ويريد أن يستفهم عن تفاصيلها

إذن لابد وأن الدين لا علاقة له بهذه المواضيع ولا هذه التفاصيل!!!

 

 

فكيف نعيش حياتنا إذن!؟ كيف نتعامل مع تساؤلاتنا أو شبهاتنا!؟

 بعقولنا وأهوائنا!

 فما أراه أنا صواب أفعله.. وما يراه من بجواري صوابا يفعله

 

بل إنني سأستعمل (الفتوى الصاروخية!) التي القاها

علي طالب العلم ذاك.. في التأصيل لهواي الذي

أطبقها من خلاله (لأنها خالية من أية تفاصيل)

 

وإذا أنكر عليّ أحد.. سأقول له: الشيخ الفلاني أفتاني بكذا.

 

ومن بجواري سيفعل نفس الفعل.. مع شيخه هو!

ويقول لي: ولكن شيخي أفتاني بكذا!!

 

وتنشب الحروب بين كل فردين، وكل جماعتين، وكل عائلتين....

وتلتهب الأمة بنيران الخلاف والتعصب والفرقة!!!

  

وكل هذا باسم الدين!

 كل واحد منهم بالنسبة له الآن هو يطبق الدين.. ويطيع رب العالمين جل في علاه!

  

من المسؤول عن كل هذا!؟

 

العوام!؟

 

أم من ادعوا أنهم ورثة الأنبياء.. وحملة أمانة هذا الدين!؟

 الذين أصلا لا يكادون يرون كل هذه الحروب

(التي تغلي تحت قصورهم المشيدة!)

 

فهم معزولون عن حاجات الناس وفقرهم لمعرفة دين ربهم

 

ومعزولون كذلك عن رؤية حقيقة أحوالهم،

وحقيقة فهمهم للدين (الذي يلقونه عليهم في الدروس!)،

وما ينتج عنه من خلل ومعاصي وظلم وخلاف وتعصب............

فلا فكرة لديهم عن حقيقة تطبيقهم له في الواقع!

 

(وهذا أيضا لم يعهد عند علماء الحق..

علماء السلف (ابتداءً بالنبي ﷺ).. أبدا!

فإنهم كانوا يعايشون من تحتهم أكثر مما يعلمونهم،

وكانوا يربونهم، ويتابعونهم، ويحاورونهم، ويَعلَمون مقدار فهمهم

من عدم فهمهم لما يتلقونه منهم من علم)

 

 

ولا يخدعوكم ويقولون لكم:

لأننا مشغولون!

 

ليس هناك أكثر شغلا من محمد ﷺ ، وقد كان

يعايش الناس ويحاورهم ويجيب على أسئلتهم...

ولم يرد عنه قط أنه احتاجه أحد فأعرض عن حاجته بحجة أنه مشغول!

 

ومن بعده  تجد أئمة السلف.. في تعاملهم مع الناس

وأسئلتهم واستفتاءاتهم.. وهذه مجرد نماذج على ذلك:

 

 








إنما الحقيقة... أن طلبة العلم هؤلاء قد انقلبت

عندهم الاولويات، ويشغلون أنفسهم بأنواع من القربات

(كبعض تفاصيل طلب العلم، أو كثرة الصلاة، أو كثرة الذكر، أو حفظ القرآن... الخ)

 

ناهيك عما يمكن أن (تضيع فيه أوقاتهم)

من اجتماعات (غالبها مجاملات دنيوية)،

أو مباحات (أكثر بكثير مما ينبغي لأي مؤمن أن ينشغل به!)

أو لهو بالهاتف، أو الانشغال بالإنجازات الدنيوية..... الخ


ولو انشغلوا بالأولويات التي علمهم إياها

من يزعمون اتباعه ﷺ .. لبارك الله تعالى لهم في أوقاتهم،

ولأدوا الأمانة التي حملهم الله تعالى إياها











ولما كسروا قلوب عشرات وربما مئات ممن احتاجوهم

فردوهم وعاملوهم بمنتهى الكبر والاحتقار!

 

ولما تسببوا بإفساد دين الناس وتلبيس الباطل

بلباس الحق عندهم.. حتى ظنوا أن التقليد الأعمى والعلمانية التي

يعيشونها.. هي الدين الصحيح!

 

  

ولنفرض أن طالب علم كان مشغولا فعلا في موقف ما، أو مع سائلٍ ما

 

لو كان فعلا "مؤمنا" متواضعا، مدركا للمسؤوليات

التي حمله الله تعالى إياها (وسيحاسبه عليها)،

مدركا للمصائب التي يتسبب بها من احتجب عن حاجات الناس لفهم دينهم...

  

لكان رده على من يسأله مختلفا تماما!

لرد عليه (أولا.. ولم يتجاهله ويعرض عنه)

بتواضع وخجل (حتى وإن كان بكلمتين)

ولقال له: اعذرني فأنا فعلا مشغول،

أنت من حقك ان تُجاب على سؤالك، فلا تتوقف عن البحث عمن يجيبك،

ولكنني فعلا أعجز عن ذلك الآن

 

اذهب إلى فلان..

اقرأ الكتاب الفلاني..

 ارجع واسألني بعد يومين، بعد أسبوع...

 

 

مثل هذه الردود لا يمكن أن تراها الآن من أولئك

- بصدق.. وتواضع حقيقي -

(لأنهم ليسوا متقين أصلا.. إنما هم متكبرون..

يرون أن عدم إجابة السائل من حقوقهم،

وعدم إعطائه حقه في الفهم ورد الشبهات من حقوقهم!)

 

 

ولا يخدعوك ويقولون لك:

هناك من السلف من كانوا

يجيبون الناس باختصار!

 

والحقيقة: أن أولئك السلف كانوا عربا، يكلمون عربا!

يعلمون أنهم يفهمون الإجابات المختصرة التي أعطوهم إياها

(ولم يكن لديهم من الفتن والشبهات والجهل الذي يعيشه المسلمون اليوم!)

 

وكانوا متفانين في علمهم وتعليمهم ومعايشتهم للناس،

حريصين على أداء الأمانة التي حُمّلوها،

فكانوا أصلاً يتفاعلون مع الناس غالب الوقت،

ويسمعون منهم، ويعلقون عليهم، ويحاورونهم...

كما أنهم كانوا يشرحون للناس في دروسهم الكثير من التفاصيل

التي يحتاجونها في حياتهم

(وليس مثل الآن!! لا يكاد طلبة العلم يشرحون للمسلمين 5%

مما يجب عليهم معرفته، يكررونها مرارا وتكرارا، وال 95% الباقية

لا يعرف المسلمون عنها شيئا!)

 

ثم بعد ذلك إذا احتاج أحدهم إلى الاستفهام منهم، ما كانوا يردونه وينفرونه عن ذلك!

 لأنهم متقين.. لأنهم متواضعين.. رحمهم الله تعالى أجمعين

 

 

ولا يخدعوك فيقولوا: هناك من العلماء من يقول:

العامي لا يحتاج إلى التفاصيل

فأجيبوه باختصار!

 

إن كان العامي هو لا يريد التفاصيل.. فلا تعطه التفاصيل!

(مع أنّ طالب العلم الصادق في زماننا،

الذي يعلم حقيقة ما يحصل مع الناس من تعرض للشبهات والفتن

والجهل المركب والفلسفات... والفهم الخاطئ في تعاملهم مع دينهم!

هو لن يسمح بهذا حتى وإن طلب منه العامي أن يجيبه باختصار،

لأنه يغلب على ظنه أنه سيأخذ هذه الإجابة المختصرة

وسيطبقها تطبيقا معاقا! بل سيفصل له، ويحاوره ويسأله

حتى يتأكد من حقيقة فهمه لها -

كما كان يفعل رسول الله ﷺ ،

وكما كان يفعل الشيخ الالباني رحمه الله تعالى، وغيره من الصادقين)

 

ولكن أن يكون العامي متعطشا للعلم! متعطشا لفهم مراد ربه سبحانه،

ولديه أسئلة وحيرة، يريد أن يعرف الدليل، يريد أن يعرف الراجح...

أو بينه وبين أحد نزاع وفيه من التفاصيل ما يغير الحكم تماما...

ثم تتجاهل كل هذا وتجيبه بكلمتين، وتسبب له من الحرج والخجل

والحيرة والمشقة ما لا يعلمه إلا الله! وتقول: العامي لا يحتاج التفاصيل!!؟

 

 بل أنت الذي لا تريد أن تعطي من نفسك

أنت الذي تكتم العلم الذي رزقك الله تعالى إياه (اختبارا لك!) وسيلجمك هذا العلم يوم القيامة بلجام من نار.. جزاءً على تضييعك وخيانتك

 


قال الأستاذ محمود شاكر رحمه الله:

إن زكاة العلم نشرُه وإذاعته والإبانة عنه،وهي علينا فريضة محكمة كفريضة الأموال،نؤديها لا نريد منكم جزاءً ولا شكورا؛ لأننا نعتقد بلا ارتياب أن من سئل علما فكتمه،جاء يوم القيامة ملجما بلجام من نار، وصدق رسول الله ﷺ.

[أباطيل وأسمار]


إنّ هؤلاء يريدون من الناس أن يتعاملوا مع

فتاواهم (المختصرة) وآرائهم... كما يتعاملون مع الله عز وجل!!!

 

(وإن كان الناس لا يتعاملون حتى مع الله تعالى بهذا الانقياد!) إلا من رحم ربي

 

بل إنّ الله جل جلاله لم يتعامل مع عبيده

( وهو الملك الخالق العظيم !! ) بهذه الطريقة!

 

فإنه سبحانه كان يرد على تساؤلات من يجادلون النبي ﷺ ،

ويجيبهم بالحجج والبراهين القاطعة التي تناسب فهمهم

(حتى تلك الأسئلة الاستفزازية التي واضح أن الهدف منها مجرد المراء!)

 

فتخيلوا حينما يجيب رب العزة على تساؤلات السائلين،

ويفصل فيها، ويزيدها رسوله تفصيلا

 

ثم يأتي أغمار ممن نسبوا أنفسهم للعلم بهتانا وزورا..

ويفهمون الناس أن الصواب هو أن تسال باختصار..

ويُجاب عليك باختصار!!

بغض النظر عما في قلبك من حيرة أو شبهات!!

 

ويتوقعون أن يأخذ الناس هذه (الكُليمات!).. ويطبقونها

واقعيا في حياتهم.. تطبيقا صحيحا!!!!!

 

 

صَبْغُ الناس بصبغة التقليد الأعمى الذي يحصل الآن من مدعي السلفية في وقتنا!

كان دائما هو السمة المميزة للأديان والمذاهب الضالة!!

 

فإنّ كلّ دين أو مذهب ضال.. يُعلّم فيه الرؤوس الأتباع

أن يسمعوا كلامهم دون أن يسألوا أو يعارضوا


 إلا أهل الحق (على الحقيقة) لم يكونوا ولن يكونوا أبدا كذلك

 إلا المؤمنين.. فإن المؤمنين بحق يتعلمون دينهم عن قناعة،

وبفهم، وبالأدلة (قدر استطاعة كل واحد منهم)

 

قَال ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَابْنُ الْقَيِّمِ، وَالشَّوْكَانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ: إِنَّ التَّقْلِيدَ مُحَرَّمٌ لاَ يَجُوزُ.

وَأَثْبَتَ ابْنُ الْقَيِّمِ وَالشَّوْكَانِيُّ فَوْقَ التَّقْلِيدِ مَرْتَبَةً أَقَل مِنَ الاِجْتِهَادِ، هِيَ مَرْتَبَةُ الاِتِّبَاعِ، وَحَقِيقَتُهَا الأَْخْذُ بِقَوْل الْغَيْرِ مَعَ مَعْرِفَةِ دَلِيلِهِ.

وذكر العلماء أَنَّ التَّقْلِيدَ يَجُوزُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ.

[ من كتاب الخلاصة في أحكام الاجتهاد والتقليد]

 

 


 



فصار العوام المتأثرون بمثل أولئك في زماننا منقسمون إلى قسمين:

 

قسم تحول إلى مقلد أعمى، أحمق، مغيب، لا يكاد يفهم من دينه شيء

(ويحسب نفسه من أتباع السلف)!

 

وقسم كرهوا الدين والمتدينين بالكلية!!

لما رأوه في طلبة العلم (ومقلديهم) من سوء الخلق، والحماقة،

وتغييب العقل، والكبر.... فنفر كل واحد منهم من الدين بطريق!

(والله يعلم يوم القيامة كم على كل واحد منهم من الإثم،

وكم على طلبة العلم و "المستقيمين" الذين تسببوا لهم بهذا من إثم!)

 

 

الحقيقة المرة:

 

هل تعرفون متى يمكن أن يرد عليك "طلبة العلم" أولئك!؟

 في حالتين:

 

- إما أن تقول لهم: أنا ملحد! أو أنا نسوية! أو أنا أنوي أن أنتحر! او أقتل أحدا!!!

 

- أو أن تكون أنت مشهورا (لديك مليوني متابع مثلا!) أو ذو مكانة اجتماعية مرموقة!!

 

 حينها ستجد من غالبهم الوقت وسعة الصدر والحوار والاحترام...

ويمكن وقتها أن يغير جدول أعماله المزدحم! ليجيبك ويتحاور معك!

 

  

كل ما قلناه في الأعلى يتعلق بحاجة العامي إلى الفتوى أو الفهم

أو الحكم في التنازع.. وهذا هو الواقع الذي يتعرض له!!

 

فلكم أن تتخيلوا ما سيحصل إذا حاول هذا العامي

(أو طالب العلم غير المشهور!)

أن يتواصل مع عالم أو طالب علم لينصحه أو ينبهه على خطأ وقع فيه!

أو لكي يبين له خللا عنده أو عند الناس يحتاج إلى إصلاح!

أو حتى لكي يتعاون معه على البر والتقوى.. 

يحمل في عقله مشروعا للأمة ويحتاج إلى من يعينه عليه

(لأنّ كثيرا جدا من مصالح الإنسان، ومصالح الامة

لا يمكن أن تتم إلا بالتعاون على البر والتقوى)




 

لكم أن تتخيلوا هذا الذي يُنفّر الناس عن فهم دينهم لهم هم..

كيف ستكون ردة فعله على من يريد أو يوجه نصيحة أو تنبيها له هو شخصيا!!؟

 

(من جرب هذا... يعلم تماما ماذا سيحصل!)

 

 

تخيلوا أيضا أحد النتائج الكارثية

لهذه المنظومة المعاقة:

 

حين امتلأ المجتمع بالملحدين، والنسوية، والنافرين من الدين،

والهاربين إلى أهل البدع (حَسني الخُلُق غالبا!)

 

وامتلأ بالتعصب والخلافات ووووو

 

بدلا من أن يعود "طلبة العلم!" أولئك على أنفسهم باللوم والعتاب

والبحث عن جذور المشكلة وحلها!

 

ذهبوا يحاربون تلك (الثمرات) التي كثير منها كان بسببهم هم!

 

ويحاربون الإلحاد والنسوية والبدع بشراسة..

بل ويستهزؤون بهم في وسائل التواصل!

(مزيدا من الكبر وسوء الأدب في الطرح!)

 ويُضحكون الناس عليهم.....

 

وهم ممتلؤون بشعور: أنهم هم الغرباء! المصلحون!

المجاهدون الصابرون في سبيل الله!!!

 

بل تجاوز الأمر قبحا عند بعضهم.. أنهم يصفون من يلومون

أنفسهم أو يلومون الصالحين على أخطائهم.. بأنهم متخاذلون ولديهم جلد ذات!!!!

 

ما أبشع عمى البصيرة!

 

ثم يتعاملون مع من يردون عليهم أو يناقشونهم أنهم متكبرين ومعاندين!!!

 

بل صاروا يتخيرون من كلام السلف ما ينفر الناس عن النقاش

والحوار والمناظرة!!!!

ويبينون لهم (بكل افتراء وبهتان) أن هذا هو الأصل في دين الله عز وجل!!!

 

ألا يقرأ هؤلاء القرآن!!!؟

 

ألا يقرؤون نقاشات الأنبياء مع أقوامهم (المعاندين)!!؟ وجدالهم لهم!!



 


بل ألم يقرؤوا أن ربهم أمرهم جل وعلا بالجدال بالتي هي أحسن!!؟

 


والسلف الذين يختارون من أقوالهم ما يشاؤون...

ألم يمر عليهم أضعاف أضعاف هذه المقولات من أحوال السلف

 في نقاشاتهم وحواراتهم (مع بعضهم، ومع العوام، ومع المبتدعة، ومع الكفار!!!)

 

بل كان بعضهم يؤلف كتابا من عدة مجلدات جوابا على فتوى

من بضعة أسطر! (لعلمه بحاجة السائل والناس إلى التفصيل فيها)

 

كل هذا صار فجأة هو الاستثناء.. وصار عدم الحوار وعدم الجدال هو الأصل!!!؟

 

ما أبشع ما تفعلونه بدين الله عز وجل!

 

 

 

الهدف من هذا المقال أمران:

 

(1) أن يعرف الناس - جميع الناس، جميع المسلمين -

أنّه ليس كل طالب علم ولا كل عالم متقي،

ولا كل طالب علم يستحق الاحترام، والتوقير،

ناهيك عن اتخاذه قدوة!

 

فيتميز عند الناس الخبيث من الطيب

 والمتقي العامل بعلمه (في الغالب)... من المدعي

 

فليس العلم بحد ذاته فضيلة.. وإنما يكون فضيلة إذا عُمل به

 

 

(2) حتى يعرف الناس حقيقة الواقع المر الذي نعيشه الآن،

فيضبطوا اعتقاداتهم فيما يخص دينهم، واستفتاءهم، وطلبهم للعلم (ويعلموا

ما عليهم من واجبات، وأيضا ما لهم من حقوق على طلبة العلم وغيرهم)

 

ومادام الوضع هكذا... صارت المسئولية على العامي أكثر من قبل،

صار عليك أن تبحث أنت عن الحق الذي يرضي ربك عنك (قدر المستطاع)

 

ولا تخف.. حقك على أولئك الذين خانوا الأمانة إن لم تأخذه في الدنيا..

فستأخذه عند القنطرة بإذن الله

 

وما تعجز عن تحصيله من علم ستكون معذورا عليه بإذن الله

(لأنك عجزت، بعد الحرص والمحاولة والبحث وبذل الجهد)

وسيحمل وزره كل من كان يمكن أن يوصله لك.. وقصّر أو تكبر.. ولم يفعل!

 

  

وطبعا كل ما قلناه يجب أن نقول بعده (إلا من رحم ربي)

 لكن لشدة ندرتهم في زماننا.. لا أكاد (أنا شخصيا) أذكر أحدا منهم!

  

اللهم أبدل أمة خليلك ﷺ خيرا

اللهم أخرج من المسلمين من يتعلم دينك

ويعمل به

وينفع به المسلمين.. بل ينفع به العالمين

واكشف كل منافق ومتكبر ومتلبس بلباس الدين ظلما وزورا

واكف المسلمين شرهم

وردنا أجمعين إليك ردا جميلا


هناك 3 تعليقات:

  1. ما شاي الله تبارك الله ؛ كلام يقشعر منه البدن شكرآ لك من الاعماق

    ردحذف
    الردود
    1. الحمد لله كثيرا.. آمين وإياكم
      الله يرد المسلمين إليه ردا جميلا

      حذف
  2. ما شاء الله

    ردحذف

أرشيف المدونة الإلكترونية