~كتاب الله~
هو الهدى والنور والروح والرحمة والشفاء والبركة والبرهان والحكمة والحق...
نحتاج أن ننكب على تدبره وفهمه وإسقاطه على قلوبنا وأبداننا لنصلح لمجاورة الله في الجنة


تابعونا

على الحساب الموحد في تويتر وانستجرام @TadabbarAlquran

تابعوا مدونة "علم ينتفع به" تحوي تفاريغ دروس الأستاذة أناهيد السميري جزاها الله خيرا ونفع بها http://tafaregdroos.blogspot.com

الجمعة، 6 فبراير 2015

جميع ما ذُكِرَ بشأن القلب في القرآن والسنة..!




 
إن هذا العنوان ليس هو العنوان الصحيح لهذه المقالة، لأن من تدبر ما في القرآن والسنة سيجد أن جُلّه يدور حول أمر القلب!
وأهميته، وحاله، وحساب الله تعالى على ما فيه، وكيفية إصلاحه، وشدة الحاجة إلى دوام التفكير فيه، وتمحيصه، وتحليله، وتعريضه للعلم الذي يصلحه ويطهره... الخ.


وقد وضعت هذا العنوان لمجرد جذب الانتباه
حتى أنبه إلى أنه لا يمكن حصر شيء مثل هذا أبدا ..!!

وأما العنوان الذي نستطيع أن نكتب عنه في مقالة صغيرة كهذه، هو:

"بعض الأدلة على أهمية إصلاح قلوبنا"





أولا: من القرآن – مع بعض الشرح:

يقول الله تعالى:
{يوم لا ينفع مال
ولا بنون
إلا من أتى الله "بقلب سليم"}
(الشعراء٨٩)

ويقول سبحانه:

{في "قلوبهم مرضٌ" فزادهم الله مرضا
ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون}
(البقرة١٠)

ويقول جل في علاه:

{ومن الناس من يعجبك قوله
في الحياة الدنيا
ويُشهد الله على ما في "قلبه"
وهو ألد الخصام}
(البقرة٢٠٤)


ويقول الحكيم الخبير:

{اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون(١) ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون(٢)
~ لاهية قلوبهم !~ ... }
(الأنبياء)

ويقول: 

{أم حسب الذين "في قلوبهم مرض"
أن لن يخرج الله أضغانهم } !؟
(محمد٢٩)


ويقول:

{وذلكم "ظنكم" الذي ظننتم بربكم أرداكم
فأصبحتم من الخاسرين}
(فصلت٢٣)

أين يوجد الظن !؟  في القلب.


وغيرها من الأدلة...

كما أن كتاب الله تعالى مليء بشرح أمراض القلوب، في القصص التي يقصها، والمواعظ التي يعظ بها، وبعد أن يشرح مرض القلب تجد السياق يدفع المتدبر دفعا ليصلح هذا المرض، بما يدركه من حقائق، وبما يتعرض له قلبه من زواجر.
فتجد ربنا الحكيم وصف لنا
كبر فرعون
وإرادة علو قارون
وتحايل أصحاب السبت
وطمع أصحاب الجنة
وبطر قوم سبأ
وأنانية المطففين
وجحود ابن آدم (لكنود)
وغفلة المنافقين
وعجب بني إسرائيل
وعناد ابن نوح
وتعلق ذاك العالم بالدنيا (أخلد إلى الأرض واتبع هواه!!)
.... الخ



ثانيا: من السنة – مع بعض الشرح:


قال حبيب الله صلى الله عليه وسلم:
" ألا وإن في الجسد مضغة..
إذا صلحت >> صلح الجسد كله
وإذا فسدت >> فسد الجسد كله !
ألا وهي القلب "
(متفق عليه)

وقال صلى الله عليه وسلم:

" إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم، ولكن ينظر إلى
قلوبكم
وأعمالكم "
 (صحيح مسلم)

وقال صلى الله عليه وسلم:

"لو أنكم كنتم توكلون على الله حق توكله
لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا وتروح بطانا "
(صحيح الترمذي)

فأين مكان التوكل ؟  في القلب


وقال صلى الله عليه وسلم:
" لا يدخل الجنة من كان في
 قلبه
مثقال ذرة !
من كبر "
 ثم فسره فقال         " الكبر بطر الحق وغمط الناس"
 (صحيح مسلم)

فأين مكان الكبر؟  في القلب
وتكفي ( ذرة واحدة منه فقط ! )
أن تحرم الإنسان من دخول الجنة
حتى يدخل جهنم !!  أولا
ثم يتطهر، فإذا كان عنده أصل الإيمان دخل الجنة بعد ذلك.



ثالثا: بعض الشرح المختصر:

ما المطلوب من المؤمن الذي يدخل إلى طريق الهداية ؟

أول ما يجب عليه فعله هو إصلاح قلبه، قبل أن يفكر كثيرا في إصلاح جوارحه.

ماذا يوجد في قلبه حتى يصلحه !؟

1-            يوجد اعتقادات صحيحة (موافقة لكلام الله)

2-            ويوجد مشاعر صحيحة (ناتجة عن التفكر والتدبر للاعتقادات الصحيحة)

3-            ويوجد اعتقادات خاطئة (ناشئة من الشخصية، أو البيئة، أو الخبرات السابقة، أو الضغوط التي تعرض لها الإنسان، أو الصحبة، أو الإعلام... الخ)

4-            ويوجد مشاعر خاطئة (يشعر بها الإنسان ولا يفهمها في كثير من الأحيان، وكثيرا ما يعتقد أنه لا يمكن تغييرها)



فالمطلوب من المؤمن الذي يريد أن يلقى الله تعالى بقلب سليم

أن يصحح جميع اعتقادات قلبه (وفق القرآن والسنة) وهذا يحتاج إلى زمن.

ثم لا يزال يتفكر ويجاهد، حتى تُغيّر هذه الاعتقادات الصحيحة كل المشاعر الخاطئة التي بداخله.

ملحوظة:

-      اعتقادات القلب يسميها العلماء: قول القلب.

-      ومشاعره يسمونها: عمل القلب.


ماذا يريد الله تعالى من قلوبنا ؟

1-            يريدها أن تكون قلوبا عبدة، تحمل مشاعر العبد، العبوديات القلبية الكثيرة المطلوبة منه ليكون مؤمنا حقا (محبة الله وحده، خوفه، رجاؤه، التوكل عليه، تعظيمه، الذل له، الشوق إليه، حمل همّ إرضائه، الانشغال به، حمده وشكره، الرضى عن أفعاله... الخ)

2-            ويريدها أن تتزكى من أمراضها (الكبر، الحسد، إرادة العلو، سوء الظن بالله، سوء الظن بالناس، التعلق بغير الله، حمل همّ الدنيا، الخوف من غير الله، القنوط من رحمته، الأمن من مكره، العجب، العجز... الخ)

وهذا لن يحدث إلا إذا:

1-            انصلحت اعتقادات القلب

2-            وقام الإنسان بعبوديات التفكر والتدبر التي سنذكرها بعد قليل بإذن الله




رابعا: ما الذي لا نحاسب عليه في القلب؟


من رحمة الله بنا أنه لا يحاسبنا على الخواطر السريعة والوساوس العابرة.. التي ندافعها ولا نتركها تستقر في قلوبنا.
 بل إنه من عظيم إحسانه ومَنِّه سبحانه، يكافئنا على مجاهدتنا لها

يقول سبحانه:

{إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا.. فإذا هم مبصرون}
 (الأعراف٢٠١)

وقال النبي عليه الصلاة والسلام:

" وإن همّ بسيئة فلم يعملها، كتبها الله عنده حسنة كاملة "
 (صحيح مسلم)



خامسا: كيف تنصلح قلوبنا ؟  (باختصار شديد)

1-            الدعاء، فإن الهداية والصلاح رزق، على قدر ذُلّنا في طلبه من الرزاق، على قدر ما يرزقنا من بركاته ما لا يخطر لنا على بال.

2-            دوام طلب العلم، وتكرار مروره على القلب، خاصة:

§       العلم بالله تعالى (بأسمائه، وصفاته، وأفعاله مع عبيده، كما أخبرنا عنها في وحيه جل في علاه، بتفاصيل آثار هذه الصفات والأفعال في حياتنا، وعلاقتنا بها، وتعرضنا لها في كل موقف، ومع كل حدث، وعند طاعتنا، وعند تقصيرنا... الخ)

§       العلم عن أنفسنا (عن حقيقتنا جميعا كعبيد فقراء ضعفاء، لا نملك لأنفسنا ولا لبعضنا نفعا ولا ضرا، وعن حقيقة كل واحد فينا على حدا، بما فيه من أمراض وتقصيرات – كبر، حسد، إرادة علو، سوء ظن، جزع، قنوط، أمن من مكر الله، تعلق بالدنيا، شك، حيرة.... الخ)

§       العلم عن حقيقة الدنيا والآخرة (بتفاصيل حقيقة الدنيا، وتفاصيل ما سيحدث في الآخرة)

إن هذه العلوم بتفاصيلها، تعتبر فرض عين على كل مسلم أن يتعلمها، وأن يستمع إلى طلبة العلم الثقات الذين يحدثونه عنها، ويُكرر تعريض قلبه للاستماع لها، وتذكرها، والتفكر فيها، ودوام حضور المجالس التي تتحدث عنها (وإن كان يعرف المعلومة بذاتها، لكن تكرار العلم هو الذي يطهر القلب، وليس العلم فحسب – كما بين الله تعالى في مثل سورة الرعد الآية 17).


3-            دوام تدبّر القرآن والسنة، خاصة فيما يخص هذه المواضيع الثلاثة، بعد قراءة تفاسير أهل العلم الثقات لهما.


4-            الصحبة الصالحة، التي لديها ولو قليلا من العلم والتقوى، ومناقشتها في أمر قلبي، وأمراضه، وكيفية علاجها.

5-            الاستماع لانتقادات الناس من حولي (إن كانوا قريبين أو أعداء) لأن انتقاداتهم في الغالب لم تخرج من فراغ، وإنما هي تشير إلى ما في قلبي من نواقص، حتى أفهمها وأعرف كيف أتعامل معها.

6-            التبصر والتفكر بأقدار الله تعالى علي أنا تحديدا، فإن الخبير اللطيف يجري علي الأقدار التي ( 1- تكشف لي أمراض قلبي  2- تكسر لي هذه الأمراض رغما عني )

7-            استشارة طلبة العلم أو العلماء الذين رزقهم الله فهما لحال القلب وأمراضه، حتى يستخرجوا مني ما لا أراه ولا أدركه من كوامن قلبي، ويكلمونني بالأدلة التي يحتاجها قلبي أنا تحديدا ليتعافى.


بعد هذه الخطوات، لن أحتاج إلى كثير مجاهدة، ولا تعب في إصلاح أمراض قلبي (إلا ربما الشيء اليسير) فإذا سرت في الطريق الصحيح سأجد أن قلبي صار يتعافى رغما عنه..



نسأل المنان العظيم أن يرزقنا صحبة الأخيار

وأن يملأنا بالتواضع وهمّ الآخرة
 
وأن يطهر قلوبنا بلطف

ويميتنا وهو راض عنا اللهم آمين

هناك تعليقان (2):

  1. جزاكم الله خيرا اللهم ارزقنا قلبا سليما

    ردحذف

أرشيف المدونة الإلكترونية