~كتاب الله~
هو الهدى والنور والروح والرحمة والشفاء والبركة والبرهان والحكمة والحق...
نحتاج أن ننكب على تدبره وفهمه وإسقاطه على قلوبنا وأبداننا لنصلح لمجاورة الله في الجنة


تابعونا

على الحساب الموحد في تويتر وانستجرام @TadabbarAlquran

تابعوا مدونة "علم ينتفع به" تحوي تفاريغ دروس الأستاذة أناهيد السميري جزاها الله خيرا ونفع بها http://tafaregdroos.blogspot.com

الثلاثاء، 20 أغسطس 2013

شبهة: من قال أن الله يحاسب على مافي القلوب !!؟

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله

شبهة منتشرة 
هل يحاسبنا الله تعالى على مافي قلوبنا ؟
 
أولا.. لنتدبر كلام ربنا سبحانه، وكلام نبيه عليه الصلاة والسلام:
 
يقول الله تعالى
{يوم لا ينفع مال
ولا بنون
إلا من أتى الله بقلب سليم} 
 (الشعراء٨٩)


ويقول سبحانه
 {في "قلوبهم" مرضٌ فزادهم الله مرضا
ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون}
 
(البقرة١٠)

 {ومن الناس من يعجبك قوله 
في الحياة الدنيا
ويُشهد الله على مافي قلبه 
وهو ألد الخصام}
(البقرة٢٠٤)
 

{اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون(١) ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون(٢)
 

~ لاهية قلوبهم !~ ... }
 (الأنبياء)
 

 
{أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم } !؟
 (محمد٢٩)
 

{وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين}
 
(فصلت٢٣)
  
قال حبيب الله صلى الله عليه وسلم:
" ألا وإن في الجسد مضغة..
إذا صلحت  صلح الجسد كله
وإذا فسدت  فسد الجسد كله !

ألا وهي القلب  "
 (متفق عليه)
 
 
ثانيا :
من أين جاءت هذه الشبهة؟
 
من قصة نزول آخر ٣ آيات في سورة البقرة
 
تأملها.. وتدبرها


عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

 

قَالَ فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ بَرَكُوا عَلَى الرُّكَبِ !
 
فَقَالُوا: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ ! كُلِّفْنَا مِنْ الْأَعْمَالِ مَا نُطِيق، الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ وَالْجِهَادَ وَالصَّدَقَةَ، وَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيْكَ هَذِهِ الْآيَةُ وَلَا نُطِيقُهَا !!
 
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" أَتُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلِكُمْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا !!؟
 
بَلْ قُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ "
 
قَالُوا : سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.
 
فَلَمَّا اقْتَرَأَهَا الْقَوْمُ ذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي إِثْرِهَا { آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ }

 
فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ نَسَخَهَا اللَّهُ تَعَالَى فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:

{ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا }
قَالَ نَعَمْ
 
{ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا }
قَالَ نَعَمْ
{ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ }
قَالَ نَعَمْ
{ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ }
قَالَ نَعَمْ

 
(رواه مسلم)
 

 
فهم كثير ممن ليس لديهم علم أن قول الله تعالى {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها...} الخ
يعني أنه لن يؤاخذنا بما أخفينا في أنفسنا

والآية والحديث ليس فيهما هذا المعنى
كما أن هذا الفهم يخالف جميع نصوص الدين التي تدل على أن حال القلب.. أهم عند الله من حال البدن

قال عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم:
 
" إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم، ولكن ينظر إلى
قلوبكم
 وأعمالكم "
 
(صحيح مسلم)

 
 

ثالثا :
ما الذي نحاسب عليه في القلب وما الذي لا نحاسب عليه؟
 

من رحمة الله بنا أنه لا يحاسبنا على الخواطر السريعة والوساوس العابرة.. التي ندافعها ولا نتركها تستقر في قلوبنا
 
بل إنه من عظيم إحسانه ومَنِّه سبحانه، يكافئنا على مجاهدتنا لها

يقول سبحانه
{إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا.. فإذا هم مبصرون}
 (الأعراف٢٠١)


قال النبي عليه الصلاة والسلام:
" وإن هم بسيئة فلم يعملها، كتبها الله عنده حسنة كاملة "
 (صحيح مسلم)
 

ما الذي نحاسب عليه من أعمال قلوبنا؟
 
باختصار:
 
١- الاعتقادات الجازمة (الإيمان- خيرا كان أو شرا) وهي التي تُسمى أقوال القلب
 
٢- المشاعر الثابتة (الحب، الخوف، التوكل، التعظيم، الذل، الشك، الكبر، الحسد، الإرادة،... ) خيرا كانت أو شرا، وهي تسمى أعمال القلب

 
مثال١

يقول الملك سبحانه
 
{وفي السماء رزقكم وما توعدون (٢٢) فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون (٢٣)}
 
(الذاريات)


الذي يعرف هذه المعلومة بعقله، وهو موافق عليها، مقرٌّ بها، يعتنقها ديناً يلقى الله تعالى به يوم القيامة، نقول أن هذا الإنسان لديه أصل الإيمان بهذه الحقيقة (قول القلب)
  
فإذا اعتقد العبد بهذه الحقيقة اعتقادا جازما، ملأ قلبه أن الله تعالى هو وحده الرزاق، هو من يرسل الرزق لمن يشاء، ويمنعه ممن يشاء
 
وأن الله الحكيم سبحانه، يعطي ويمنع عباده لحكمة، يُربي بها قلوبهم، يعاقب من يستحق العقوبة ليُعيده إليه، ويُثيب من يستحق المثوبة ليزيد ثبات قلبه على الإيمان...

شعر بقلبه بهذا الإيمان في ربه، فصار مطمئن النفس، مرتاح القلب، يسعى في الحصول على الرزق بجوارحه بشكل بسيط وهادئ، يفكر ويأتي ويذهب بروية واتزان ( من غير مبالغة ولا محاربة )
 
وهو يؤمن يقينا أن رزقه المكتوب له.. سيصل إلى تحت قدميه ..!

ثم.. إذا سعى في شيء يحتاجه.. فمُنع منه!
لا ينظر لهذا الذي أمامه، الذي يظهر أنه منعه من رزقه..
ولا يلوم فلانا أنه أساء التصرف ( خاصة في بداية الموقف قبل الهدوء )

إنما يكلم نفسه:
- هل أغضبت الملك في شيء.. فمنع هذا الرزق عني؟
- هل يعلم الله أن هذا الرزق سيضرني في ديني ودنياي فمنعه عني رحمة بي؟
- هل قصرت في مناجاة الله مؤخرا فيريد الله تعالى أن يسمع صوت دعائي؟
- هل يختبر الله تعالى صبري وثقتي به، وسيعطيني هذا الرزق في الوقت الملائم تماما لي.....؟

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
 
"لو أنكم كنتم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا وتروح بطانا "
صحيح الترمذي

>>>>>>>>
هذا الإيمان في القلب هو الإيمان الراسخ (عمل القلب)
 
وقول القلب وعمل القلب (درجات الإيمان) هي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة
 
فإذا صح إيمانه بربه... صلح عمل جوارحه تبعا لذلك
ففاز عند الله فوزا عظيما

 



مثال٢
 
قال صلى الله عليه وسلم:
" لا يدخل الجنة من كان في
 قلبه 
مثقال ذرة !
من كبر "
 
ثم فسره فقال " الكبر بطر الحق وغمط الناس"
 
(صحيح مسلم)

فالكبر في القلب!

وتكفي ( ذرة واحدة منه فقط ! )
أن تحرم الإنسان من دخول الجنة
حتى يدخل جهنم !!  أولا
ثم يتطهر، فإذا كان عنده أصل الإيمان دخل الجنة بعد ذلك.

فما هو الكبر؟
 
بطر الحق : رفض النصيحة، عدم الاكتراث بفعل الصواب، وإنما فعل ما أراه أنا مناسبا، الجدال لإثبات أنني على صواب ( بلا علم )، إخفاء الحقائق للوصول لمصلحتي التي أهفو إليها...

وغمط الناس: الشعور بالرفعة والتميز على "أحد" ممن حولي
أو عليهم جميعهم ( بمالي، بعائلتي، بجنسيتي، بعقلي، بأتباعي، بشهادتي، بمواهبي، بجمالي، بسيارتي، بوظيفتي، بطاعتي وعبادتي.... )

فهل تخلو قلوبنا من ذرة من كبر؟
 
فما بالنا إذن مطمئنين ومشغولين بعيوب الناس !!!؟
 

 

إن أول ما يحاسب عليه الإنسان هو إيمانه (قلبه)

فينقسم الناس وقتها إلى:
مؤمنين ( ولهم درجات )
ومنافقين ( ولهم درجات )
وكفار ومشركين

ثم بعد أن ينفصل المؤمنون عن غيرهم، يكون أول أعمال الجوارح التي يُحاسبون عليها هي الصلاة

التي هي تعبير عن:
- عبودية الإنسان واستسلامه لربه
- همته للآخرة وإلا لما واضب عليها
- اتباعه للنبي - الذي علمه كيف يؤديها
- حقيقة علاقته مع ربه.. التي تجعل هذه الدقائق هي أنفس أوقات يومه.. يقف فيها ذليلا حقيرا بين يدي الملك الذي يغرقه بإحسانه وستره.. يطلب منه حاجاته، ويستغفره من ذنوبه وزلاته

فإذا صلحت الصلاة ( أي صلح فيها كل هذا ) صلح سائر عمله
فلن يحقق العبد الصلاة بهذه الطريقة، ثم ما إن يلتفت منها ينغمس في لذات الدنيا ومعاصيها... يستحيل!

هذه هي الصلاة التي { تنهى عن الفحشاء والمنكر }


إن أمر القلب عظيم
 
 
وإن ما تفضل الله علينا بذكره هنا لا يتعدى كونه ( رنة جرس ) لإنذار قلوبنا أن الأمر أخطر مما تعلمناه في دروس الفقه لسنوات طويلة (على أهمية الفقه وسائر علوم الدين)

ولكن تعلم هذا الأمر والمجاهدة في تطبيقه... يحتاج كل لحظة من أعمارنا

فلنجتهد في تعلمه
بتدبر كتاب الله
وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام
وحضور دروس العلم التي تتكلم عن الإيمان والنفاق والقلب والتوحيد والشرك... فإن فيها جمع الأدلة، وتبسيط شرحها، فتشفى القلوب بها بإذن الله

اللهم أحيي قلوبنا بالعلم عنك
واشفها من أمراضها بلطف
واغفر لنا واجعل خير أيامنا يوم لقاءك
اللهم آمين

هناك 5 تعليقات:

  1. جميل وسهل بارك الله فيكم

    ردحذف



  2. قال تعالى(ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) سورة ق (الآية16)


    قال بن كثير: يخبر تعالى عن قدرته على الإنسان بأنه خالقه وعلمه محيط بجميع أموره حتى إنه تعالى يعلم ما توسوس به نفوس بني آدم من الخير والشر.


    وقد يطرأ هنا سؤال إخواني في الله وهو هل يحاسب الرب سبحانه وتعالى العبد على الخواطر التي تخطر على باله؟


    والجواب هو أن الله لا يحاسب العبد على الخطرات التي تخطر على باله مالم يترجمها إلى أفعال والدليل على ذلك ماثبت في الصحيح :عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:إن الله تعالى تجاوز لأمتي ما حدثت به نفسها مالم تقل أو تعمل.


    وروي في الصحيحين:عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه سبحانه وتعالى قال: إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك: فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله تبارك وتعالى عنده حسنة كاملة وإن هم بها فعملها كتبها الله عشر حسنات إلى سبع مئة ضعف إلى أضعاف كثيرة وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله تعالى عنده حسنة كاملة وإن هم بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة.


    ولكن ينبغي أن ينتبه لشئ مهم أن الرجوع عن فعل السيئة لابد أن يكون خوفا من الله تعالى ولا لشئ آخر فإذا تراجع عن فعلها خوفا من الله تعالى إستحق هنا الأجر من الله تعالى.


    فهذا الحديث القدسي الجليل تتجلى فيه رحمة الله تعالى بعباده المؤمنين في أبهى صورها لذلك قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه : شقي والله من غلبت سيئاته حسناته.


    وفي هذا الحديث حض للمؤمن لكي يحسن نيته بأن تكون نيته دائما لفعل الأعمال الصالحة لإنه إن نوى فعل عمل صالح ثم منعه من ذلك عذر فإن الله تعالى برحمته سوف يكتب له هذا العمل كاملا كأنه عمله لذلك كان الإمام مالك رحمه الله يقول: نية المرء خير من عمله.


    وفائدة أخرى من هذه الآية هي قرب الله تعالى من عبده وإطلاعه على كل كبير وصغير من أفعاله وأقواله فينبغي أن يستشعر المسلم هذا القرب الإلهي الرهيب فيسعى لفعل الخيرات وبقدر الإمكان إجتناب المنكرات.

    هذه وقفات قليلات مع آية من كتاب الله تعالى أسأل الله تعالى أن ينفعكم بها ولا يحرمني أجر نقلها وأسأله تبارك وتعالى أن يجمعني بكم في جنة عرضها السموات والأرض مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
    التقييم الله يكرمك ليستفيد الجميع

    الحمد لله على نعمه الاسلام وكفى بها نعمه

    ردحذف
  3. العمل بما جاء فى كتاب ألله وتطبيقه

    ردحذف
  4. جزاك الله خير الجزاء اللهم امين يارب

    ردحذف

أرشيف المدونة الإلكترونية