~كتاب الله~
هو الهدى والنور والروح والرحمة والشفاء والبركة والبرهان والحكمة والحق...
نحتاج أن ننكب على تدبره وفهمه وإسقاطه على قلوبنا وأبداننا لنصلح لمجاورة الله في الجنة


وتابعوا

مدونة "علم ينتفع به" تحوي تفاريغ دروس الأستاذة أناهيد السميري جزاها الله خيرا ونفع بها

http://tafaregdroos.blogspot.com

الاثنين، 29 ديسمبر 2025

ما معنى كلمة "عقيدة" ⁉️

 هذه الكلمة التي يتقاتل الناس عليها، ويشعلون حروبا ويوالون ويعادون عليها.. ما حقيقة معناها!؟

هل من يقاتل في الدفاع عن عقيدة، أو في مهاجمة عقيدة.. يدرك ما معنى كلمة عقيدة!!؟


كحال الكثير من المفاهيم الجوهرية التي يعتمد عليها نجاحنا وفشلنا في اختبار الدنيا.. غالب "المسلمين!" لا يعلمون معناها أصلا! ناهيك عن أن يدركوا حقيقتها، ناهيك عن أن يكونوا يعملون بها بالشكل الذي ينجيهم!


ولكن #الحكم_على_الحقائق_لا_المسميات


وهذا المقال مختصر جدا بالنسبة لما يحتاجه هذا الموضوع.. لكن لعل الله تعالى أن يوقظ به قلوبا، ويفتح به بابا لرد المسلمين إلى دينهم..


العقيدة: هي ما عقد عليه القلب، وقيل: هي حكم الذهن الجازم.

في لغتنا المعاصرة: العقيدة هي قناعة الإنسان، أفكاره، نظرته الشخصية للأمور
العقيدة هي ما هو مقتنع به تماما، بحيث يظهر في ردود فعله وتصرفاته (بشكل تلقائي) دون تخطيط منه، وربما لو سأله أحدهم: ماذا تعتقد لتتصرف هذا التصرف!؟ لن يستطيع أن يجيب.. فليست لديه جملة واضحة تعبر عما هو مقتنع به.. قد يحتاج إلى تركيز وتفكر طويل حتى يصيغ قناعته بجملة واضحة.
ولكن قناعته هذه هي التي تُسيّر حياته.. هي التي تتحكم في مشاعره وسلوكه

مثال: حينما تكون عائدا إلى البيت، وتتذكر أنك تحتاج إلى بعض 
الحاجيات المنزلية، فإنك تلقائيا تتوجه باتجاه محل البقالة (السوبرماركت)، لماذا؟
لأن لديك قناعة (عقيدة) أن حاجاتك موجودة هناك، فلم تتوجه إلى المستشفى، ولا إلى الخياط مثلا، مع أنك قد تكون غير منتبه على نفسك، وقد تكون مشغولا بالتفكير في أمور أخرى، ولكنك تلقائيا توجهت إلى هناك.

أو قد تتوجه إلى (سوبرماركت) معين، بعيد قليلا عن منزلك، لأن لديك قناعة (عقيدة) أنّ أسعاره أقل من المحل القريب من منزلك، فتلقائيا تجد في قلبك اندفاعا للذهاب إليه، وربما لو حاول أحدهم أن يثنيك عن ذلك ويبين لك مميزات المحل القريب.. ستتشاجر معه! لأنّ (قناعتك = عقيدتك) تؤثر مباشرة وبشكل تلقائي على مشاعرك وسلوكك.

مثال 2: حينما تصحو متأخرا ربع ساعة، فإنك ستتحرك بسرعة، وقد يعلو 
صوتك على أبنائك لحثهم على الاستعجال بالتجهز لمدارسهم، وقد تكون متوترا، وتلغي تناول الإفطار، ويكون استعدادك للخروج عجولا وغير متقن...
لماذا!؟ لأن عندك قناعة (اعتقادا) أنّ تأخرك عن عملك سيتسبب بخصم من راتبك مثلا، أو سيتسبب بتوبيخ رئيسك لك...
ولكن لو كان التأخير لا يتسبب لك لا بخصم للراتب، ولا بتوبيخ، ولا بأي أثر سلبي
وأنت تعلم ذلك (أي مقتنع بذلك = أي تعتقد ذلك)
فإنّ مشاعرك وسلوكك حين تصحو متأخرا سيكون مختلفا تماما...

فقناعاتنا (عقائدنا) هي ما تحركنا
هي ما يتحكم في مشاعرنا


في الإسلام: ما الفرق بين العقيدة والإيمان؟

الإيمان هو المسمى الذي اختاره الله تعالى لبيان حقيقة هذا المعنى (أي اعتقاد القلب وقناعاته وأفكاره)، فحين يُذكر الإيمان في النصوص، كثيرا ما يكون المقصود منه: قناعات الإنسان، يقينه، تصديقه للمفاهيم

ولكن أيضا: لفظة الإيمان تأتي في النصوص ويكون المقصود منها: الاستسلام لهذه القناعات، الاستسلام لهذا التصديق (فأبو طالب مثلا.. كان مُصدقا للحق، وموقنا به = مقتنعا به، ولكنه لم يستسلم له، اختار الاستسلام لهواه بدلا من الاستسلام لما هو مقتنع بأنه صواب)

وأيضا: تأتي لفظة الإيمان في النصوص ويكون المقصود منها: قول الكلمات (الجُمَل) التي تعبر عن الإيمان، كالشهادتين.

وأيضا: تأتي لفظة الإيمان في النصوص ويكون المقصود منها: العمل بالجوارح وفقا لهذا الإيمان (وفقا لهذه القناعات)، كلفظة الصلاة (في سورة البقرة، الآية 143)

وهذا كحال الكثير من الألفاظ العربية (والشرعية) يذكرها الله تعالى في القرآن أو السنة، وتكون تحمل أكثر من معنى بداخلها، ويُفهم المقصود من معانيها حسب السياق.

إذن لفظة الإيمان في ديننا: تشمل قناعات القلب واستسلامه، وقول اللسان، وعمل الجوارح.

ولكن حتى (يُسهّل) العلماء شرح كثير من أمور الدين للناس.. أخذوا الجزء الخاص بالقلب من الإيمان (وهو القناعة، والتصديق، واليقين) وأسموه (العقيدة)
فإذا ذُكرت كلمة العقيدة
عُلم أنّ المقصود بها: إيمان القلب فقط - الذي هو أصل الإيمان وجوهره
> دون قول اللسان ولا عمل الجوارح.

أين المشكلة في كل ما ذكرنا!؟
أظن أن الجميع مقتنع بهذا الكلام..!


المشكلة أنّ غالب "المسلمين" اليوم، أو بالأحرى: غالب "المنتسبين للاستقامة" أو "المنتسبين لطلب العلم"، أو ربما "المنتسبين للسلفية" تحديدا!

لا يدركون أنّ (العقيدة) إنما المقصود بها: أفكارك، قناعاتك، تصوراتك الداخلية عن الحياة وعن نفسك، وعن ربك وعن دينه جل في علاه....

وإنما يتعاملون مع كلمة العقيدة على أنها: "المحفوظات" أو "الانتماءات"



فإنّ عقل الإنسان (قلبه)
كما أنّ فيه جزء لقناعاته وتصوراته التي تحرك مشاعره وسلوكياته
أيضا فيه جزء لمحفوظاته، التي يحفظها عن ظهر قلب، لكن ليس شرطا أن يكون مقتنعا بها!

مثال: كم من شخص يحفظ قول رسول الله ﷺ: "ما الدُّنيا في الآخرةِ إلَّا مثلُ ما يجعلُ أحدُكُم إصبعَهُ في اليمِّ فلينظُر بماذا يرجِعُ"
أو قوله ﷺ: "من كانت الدنيا همَّه جعل اللهُ فقرَه بين عينَيه، وفرَّق عليه شملَه، ولم يأتِه من الدنيا إلا ما قُدِّرَ له"!؟

وحين تسأله: هل أنت تعتقد هذه الأحاديث؟
فيقول: بالتأكيد.. من كل قلبي.. أصلا الدنيا فانية، والمؤمن زاهد فيها، وأنا ولله الحمد ما يشغل قلبي هو هم الآخرة ولقاء الله تعالى...!!

هذا ما يقوله، وقد يكون هذا ما يظن أنه "يعتقده"!

ولكنه في "حقيقته" قلبه ممزق بهموم الدنيا!: المال، واللباس، ورأي الناس فيه، وسيارته، وأصحابه، وربما في مكان ما.. زوجته وأبناؤه!!


فهذا الشخص "يحفظ" أن الدنيا زائلة، وأنّ "ألمؤمن" يجب أن يكون زاهدا فيها، ومهموما بالآخرة...
ولكنه يُسمي هذا الحفظ "عقيدة!"



مثال 2: كم من شخص يحفظ قوله تعالى {وإذا قُلتم فاعدلوا ولو كان ذا قُربى}
وإذا سألته: هل أنت تعتقد هذه الآية؟
يقول لك: بالطبع أعتقدها من كل قلبي!

وحين يتعامل مع الأمور في حياته، لا مانع لديه أبدا من أن يتشاجر مع الناس لأنهم ضايقوا قريبا له، أو أن ينتقد شخصا لأن جميع أصحابه انتقدوه وقالوا عنه (كذا!)، أو أن يمدح أحدا ويزكيه في زواج مثلا... وهو لا يعرفه إلا في الدروس أو في وسائل التواصل!
ناهيك عما هو أكثر من ذلك، من شهادة زور، أو بهتان، أو تملق بالباطل.... الخ

هذا الإنسان "يحفظ" هذه الآية، ويُسمي هذا الحفظ "عقيدة" أو "قناعة"

وهو لا ينظر أصلا إلى قلبه، ولا خواطره، ولا همومه... ولا يسأل نفسه: ماذا يوجد في قلبي أصلا!؟
ما هي "مشاعري" الكاشفة عن حقيقة اعتقاداتي!؟

هو يفترض أنه طالما يحفظ النص، و "يعتبر نفسه" أنه مقتنع فيه.. فهذا يعني أن عقيدته موافقة للنص!

فإن كان واعيا لما يفعل.. فهو خبيث منافق
وإن كان غير واع لما يفعل.. فهذا المقال من أجله، لأنه جاهل بكثير من أمور دينه.. وجاهل بنفسه! ويسير مع موجة الجهل المنتشرة في المجتمع دون أن يدرك عواقب ذلك!


وأما الانتماءات!
فأيضا كثير من هؤلاء يظنّ أن "العقيدة" هي شعار، لبعض المسائل (التي تعلمها في الدروس!) وكل مجموعة من الناس تقرر أن تنتمي لهذا الشعار (وأهله!) فهذا يعني أن هذه هي عقيدتهم!

وحقيقة ما يوجد لدى غالب هؤلاء.. هو "المحفوظات" الخاصة بهذه العقيدة..
ولكن هل هذه المحفوظات هي حقا قناعاتهم؟
هل هي حقا ما يحرك قلوبهم؟
هل هي حقا ما يعملون به في حياتهم!؟

الإجابة في الغالب.. هي: لا!

وقد يكونون "مقتنعين" بهذه المحفوظات، أو ببعضها
ولكنهم في نفس الوقت > مخالفين (قناعةً وعملا) لمحفوظات أخرى.. قد تكون بنفس أهمية هذه المحفوظات.. أو أهم منها!
ولا يرون أن هذا يُخرجهم من "الانتماء" الذي يقتتلون عليه!
لأنّهم "مقتنعون - بزعمهم" بالمحفوظات "التي قرروا" أنها خاصة بهذه العقيدة "الشعار" الذي يتحزبون عليه
ومتجاهلين للمحفوظات (النصوص) الأخرى التي يُفترض أن تكون داخلة تحت هذا الشعار كذلك...

ف "العقيدة" عند غالب من ينسبون أنفسهم للسلف تحديدا (وهم قد يكونون فعلا يُكوّنون الكُتلة الأكبر من فرقة السلف المنتشرة في هذا الزمان! ولكنهم أبعد ما يكونون عن "السلف" الذين هم الصحابة ومن تبعهم بإحسان)
العقيدة عندهم هي "الفرقة!!" التي (يقرر) الإنسان أن ينتمي لها، ويحفظ النصوص والأقوال التي (علّموه) أنها ما يميزها عن غيرها، ويشعر أنه مقتنع بهذه النصوص والأقوال (دون أي نظر لحقيقة أفكاره ومشاعره = ما في قلبه)

والنتيجة: هي أن يوالي من ماشاه في هذا، ويعادي من فعل مثل فعله.. ولكن مع فرقة أخرى، ب "عقيدة" أخرى..

المشكلة الجديدة... أنه لم يعد يعادي فقط هؤلاء.. وإنما يعادي كل من "نطق بكلمة" تخالف "محفوظاته"! (وإن كانت هذه الكلمة في حقيقتها تعبر عن نفس المعنى الموجود في محفوظاته! أو ربما تكون تحتمل أكثر من معنى.. ولكنه يفترض المعنى المخالف لمحفوظاته.. ويعادي عليه!)

ويعادي كذلك من وُلد في بيئة تنتمي "لفرقة" تخالفه، ولكنه لا يعلم تفاصيل الحق والباطل التي تفرق (هذه الفرق!!) عن بعضها! (وهو لا يعلم هل أقيمت الحجة على هذا الإنسان أم لا!)

بل يعادي حتى من قرر أن يخرج من كل هذه المسميات (والانتماء للمحفوظات!) ليتعلم دينه صافيا من الكتاب والسنة، بفهم الصحابة ومن تبعهم بإحسان، وأن يأخذ من كل أحد الحق الذي عنده، ويرد الباطل الذي عنده... ويحكم على الناس (بالقسط والعدل) الذي أمره الله تعالى به.. دون تعصب، ودون أن يكون من أهل هذه الآية {مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}!

كل هؤلاء أعداؤه! ويسعى بكل طريق ليحاربهم، و "يفضح!" مكنونات قلوبهم التي (هو مأمور شرعا!! - بظنه!) أن "يسيء الظن بها"! ويكشفها ويهينها أمام الناس!!

أو على أقل تقدير.. أن يكون متفرجا على الحروب التي تحصل، ومنتمٍ بقلبه لأحد هذه الفرق (بالمحفوظات التي لديه!)، ويوالي بقلبه من انتموا لها، ويعادي بقلبه من خالفوها، وفي أحسن أحواله.. هو مقتنع تماما بما لديه، ويتمنى لهم الهداية.


فالعقيدة عند كل هؤلاء.. ليست قناعات القلب، ولا حقيقة أفكاره
وإنما "محفوظاته" و "الانتماءات" التي ينتمي لها.. أو ضدها


ومن (الطريف!)

أنّ كثيرا من هؤلاء
في خلال (حروبهم!) على "أعداء الإسلام!" (الذين ذكرناهم قبل قليل!!)

لا مانع لديهم من أن يخالفوا قول رسول الله ﷺ: "الدين النصيحة"
والنصيحة: هي إرادة الخير للمنصوح..
فأول تصرف يقومون به مع أي ممن يرون أنه مخالف لهم: هو الهجوم، والاتهام، أو الغيبة من ورائه وتحذير الناس منه! أو حتى تصديق ما قيل فيه قبل التثبت من ذلك!
دون أن يكلف أحدهم نفسه "عناء!" أن يدخل عليه، ويسأله عن حقيقة ما قيل فيه
فإن كان حقيقيا: أن ينصحه، ويحاوره، ويأتيه بالأدلة التي تبين له خطأ ما هو عليه...



لا مانع لديهم من أن يخالفوا "أمر" الله تعالى {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}

قال السعدي رحمه الله في تفسير الآية:

{بِالْحِكْمَةِ} أي: كل أحد على حسب حاله وفهمه

وقوله وانقياده.

ومن الحكمة الدعوة بالعلم لا بالجهل، والبداءة

بالأهم فالأهم، وبالأقرب إلى 

الأذهان والفهم، وبما يكون قبوله أتم، وبالرفق واللين.

فإن انقاد بالحكمة..

وإلا فينتقل معه بالدعوة ب {الموعظة الحسنة}

وهو الأمر والنهي المقرون بالترغيب والترهيب،

إما بما تشتمل عليه الأوامر من المصالح وتعدادها، 

والنواهي من المضار وتعدادها، وإما بذكر إكرام

من قام بدين الله وإهانة  من لم يقم به، وإما بذكر

ما أعد الله للطائعين من الثواب العاجل والآجل 

وما أعد للعاصين من العقاب العاجل والآجل.

فإن كان المدعو يرى أن ما هو عليه حق، أو كان

داعيه إلى الباطل، فيجادل {بالتي هي أحسن}

وهي الطرق التي تكون أدعى لاستجابته عقلا ونقلا.

ومن ذلك الاحتجاج عليه بالأدلة التي كان يعتقدها،

فإنه أقرب إلى حصول المقصود، وأن لا تؤدي

المجادلة إلى خصام أو مشاتمة تذهب بمقصودها،

ولا تحصل الفائدة منها بل يكون القصد منها

هداية الخلق إلى الحق لا المغالبة ونحوها. اهـ


فعلى الرغم من ظنهم أنهم (معتقدون) لهذه الآية..
إلا أنه لا مانع لديهم من أن يسبوا، ويشتموا، ويلعنوا! ويستهزؤوا، بل ويفتروا.. ويضعوا على ألسنة خصومهم كلاما لم يقولوه!!

بل إنهم "يستحلون" كل هذا!
و "يستحلون" سوء الظن بهم، والخوض في مقاصدهم ونياتهم.. وعدم الاكتفاء بظاهرهم وما يقولونه عن أنفسهم!

بل يستحلون غيبتهم، والنميمة بينهم وبين الناس، وتكذيبهم حتى حينما يقولون أنهم موافقون لهم!

ويخالفون تحذير "رسولهم" ﷺ: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"
ولا يرون أن هذا واجبا عليهم!
وأنهم وإن كانوا (لا يرضون، ولا يحبون) أن يعاملهم أحد ولا بعُشر هذه السلوكيات.. مهما أخطؤوا!
إلا أنه "يُباح لهم" أن يعاملوا أولئك بكل هذا الاعتداء والظلم... لأنهم أعداء الإسلام! (مع أنهم "يقولون بألسنتهم" أنهم لا يُكفرونهم!)

وهم لا يعلمون أنّ "استحلال" أي حرام في دين الله تعالى.. يُخرج من الملة!

وقد يتجرأ بعضهم ويُكفّر أولئك!! (بلا تثبت، ولا تحقيق للشروط، ولا إزالة للموانع...)
وفي هذه الحالة يكون هؤلاء البعض على "عقيدة" الخوارج..
وينطبق عليهم قول رسول الله ﷺ: "لا يَرْمِي رَجُلٌ رَجُلًا بالفُسُوقِ، ولا يَرْمِيهِ بالكُفْرِ؛ إلَّا ارْتَدَّتْ عليه إنْ لَمْ يَكُنْ صاحِبُهُ كَذلكَ"

و (على الرغم من كل هذا!!) هم مصرون.. ويرون أنفسهم أصحاب "العقيدة" السليمة!
الرافعين لواءها!
المدافعين عنها ضد (أعدائها) المبتدعة.. الضالون!!!

وربما ييسر الله تعالى في مقال مكمل لهذا.. أن نفصل أكثر في مفهوم "البدعة"

وهذا الكلام موجه حتى للعوام
فكثير من المسلمين.. الذين ينتسبون لأهل السنة مثلا.. تجده يعتبر نفسه سنيا، وربما يهاجم الروافض أو من يعبدون القبور.... الخ

في حين أنه ربما لا يقوم لصلاة الفجر! أو ربما لا يكون ملتزما بصلاته أصلا!!
وربما يكون يحمل في قلبه "بغضا" لبعض أحكام الدين!
أو استحلالا لمحرمات!
أو اعتقادا بأنّ الدين لا علاقة له بكثير من أمور حياتنا!
أو اعتقادا بأنّ حكم فلان أو فلان في هذه القضية أو هذا الموضوع.. أفضل مما جاء في الدين!
وحينما يُعرض عليه حكم الله في مسألة، وهو "يرى" أنّ المصلحة في جهة أخرى، ينفر منه، وربما يهاجمه، ويقول كلاما مثل (هذا في مجتمع رسول الله ﷺ، أما الآن فالدنيا تطورت! وهذا الكلام لا يصلح الآن! أو: من قال أنّ هذا ما قصده الله في هذا النص!؟ ربما قصد كذا وكذا! - ثم لا يبحث ولا يهمه أن يعرف مقصود الله تعالى فيها، ويكتفي بتفسيره هو لقصده سبحانه -...)
........ الخ.
> وهذه الأمور كلها - لمن لا يدرك ذلك! - نواقض للإسلام، ومخرجة من الملة! ولكن هو يعتبر نفسه مسلما سنيا.. لأنه (منتمٍ) للسنة.. ومبغض ومحارب (للروافض أو عباد القبور أو... الخ).


فالعبرة ليست بما يظنه الإنسان في نفسه!
وإنما بالحقائق

وهنا ننبه تنبيهان:

(1) قد تنفع المحفوظات والانتماءات إلى حد ما في الحكم على الشخص في الدنيا
فمن ظهر منه أنه منتم لأهل السنة، أو السلف
"ولم يُدرَ" عن حقيقة مخالفته لهم في واقع قلبه وعمله (والمقصود بالمخالفة هنا.. ليس مجرد الوقوع في المعاصي ضعفا مع اعترافه بخطئه وسوئه، وإنما المقصود المخالفة لهم في "اعتقاداته وقناعاته" التي قد تجعله مبتدعا.. أو خارجا من الملة! وهو لا يشعر!)
فإنه يعامَل معاملة المسلم السني في الدنيا، فيُزوج ويورث ويدفن مع المسلمين.... الخ

ولكن تحذيرنا في هذا المقال ليس عن حكم الدنيا
وإنما عن أحكام الآخرة!
عن حقيقة هذا العبد.. والتي ستظهر حين يحاسب على حقيقة ما في قلبه وعمله.. وليس بما ظنه عن نفسه، أو اشتهر عند الناس عنه!

كما أنه حتى في الدنيا.. بعض المعاشرة من صاحب علم وصدق.. تكشف حقيقة هذا الإنسان! ويتبين إن كان فعلا تابعا للسلف الصالح، أم أنه ضال منحرف.. لابس للباس أتباع السلف الصالح!

بل حتى من ليس لديه علم ولا تقوى، بمجرد معاشرة هذا الإنسان.. يتبين له أنه في واد، وحقيقة الدين في واد آخر!
(وهناك للأسف فئة، ربما خاصة من صغار السن.. الذين لن يدركوا هذا تماما.. فسيكرهون الدين ويتهمونه بأبشع التهم!! بسبب أن مثل هذا - بكل ما فيه من ضلال وسوء - يقول أنه يمثل الدين الحق!! يمثل السلفية!!!)


(2) لو فرضنا أنّ مسلما كان غافلا عن كل هذا، ومعذورا بعدم فهمه له (وهو وقوعه فيما يجعله مبتدعا أو كافرا.. وهو لا يشعر! وأنّ ما كان يظنه عقيدة عنده.. إنما هو مجرد محفوظ وانتماء لا حقيقة له!)

فإنّ الحكم يتأكد في حقه.. بمجرد أن يُنَبّه عليه!
أو ينتبه له بنفسه
أو يسمعه في خطبة، أو في مقطع...

> ثم يُصِرّ على أن يستمر كما هو!
ولا يبذل جهده في التبصر بحقيقة ما في قلبه
ويبذل الأسباب الكافية لإصلاحها!

فالعذر بالجهل.. إنما يكون مع العجز
أما مع الانتباه.. والقدرة على البحث والمجاهدة.. لا يُعذر أحد بجهله
إن كان وقع في كفر، أو بدعة، أو ظلم، أو كبيرة قلبية أو جارحية...



الشاهد..

كيف يكون لدى الإنسان عقيدة صحيحة إذن.. ولا يكون ما لديه مجرد محفوظات أو انتماءات!؟

حينما أمرنا الله تعالى بالدخول في هذا الدين


وحينما يُعرض الإسلام على أحد للدخول فيه، فيقول: "أشهد" أن لا إله إلا الله وأنّ محمدا رسول الله



وحينما يكون معنى الإيمان (الذي هو المفتاح الوحيد لدخول الجنة "لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة") هو:


فإنّ أول وأهمّ شرط لهذا الدخول (حتى يُسمى هذا العبد عند الله تعالى مسلما، حتى ينجو عند لقائه، حتى لا يُصدم يوم القيامة أنه كان من المنافقين!) هو:

أن "يؤمن بقلبه" = أي "يعتقد" = أي "يقتنع" = أي "يوقن"

>> بكل كلمة جاءت في الوحي (في القرآن والسنة)

بكل كلمة.. لا ينقص منها كلمة واحدة
ومعنى "يؤمن" و "يعتقد" و "يقتنع" و "يوقن"
أي أن تكون هذه الكلمة (أي كلمة تأتيه من الوحي > الذي هو كلام ربه جل جلاله) بالنسبة له يقين راسخ لا شك فيه، هي كلمة أتت من ربه، من خالقه!
من الذي خلق الكون كله من عدم! وهو جزء صغير لا يُرى في هذا الكون!
من الذي أوجده من ماء مهين.. وركّب فيه بقدرته وتصويره: روحه، وعقله، وقلبه، وشخصيته! وإمكاناته!
وهو ﷻ أعلم بكل ذرة فيه!
وهو جل وعلا أعلم بحقائق كل ذرة في هذا الكون!
في الماضي والحاضر.. والمستقبل!
يعلم جل في علاه بتفاصيل كل همسة تحدث في كونه.. في الدنيا.. وفي عالم الغيب.. وفي الآخرة!

فحينما "يقول" هذا الرب!
الذي يعلم كل شيء...
أي كلمة! أي معلومة!
فإنّ هذه المعلومة تكون يقينا واقعا راسخا.. لا شك فيه

هل يخالف الناس هذا!؟
نعم..

حينما يكونون يحملون في عقولهم "قناعات = عقائد" تربوا عليها، أو تفكروا فيها لفترة واقتنعوا بها، أو أخذوها من أحد يحترمونه ويحترمون رأيه...

ثم يسمعون تلك الكلمة الآتية من الوحي
ف "يشعرون" أنها تصادم ما هم مقتنعون به تماما!

فإنّ أول ردة فعل لدى (الكثيرييين!) هي ما يمكن أن نسميه الدفاع الثلاثي:
1- الاستغراب من هذه الكلمة!
2- الرفض الداخلي لمعناها، والشعور بأنّها غير واقعية، وغير مفيدة
3- محاولة نسيانها وعدم التفكير فيها (وهذا ما ينشأ عنه الشجار مع من يحاول "التذكير" بها، أو "المناقشة" لإثباتها)

> فيخرج من هذا الموقف (المتكرر كثيرا في حياته) وهو محتفظ بقناعته، ويتعامل مع الدنيا وفقا لها (على الرغم من مخالفتها لكلام الله تعالى)...

وفي نفس الوقت!
يشعر أنه: مسلم، وربما مؤمن، وربما تابع للسلف الصالح، وربما متقي وعظيم!

والمعلومة التي سيستغربها الكثيرون (بسبب انتشار الجهل للأسف!)
أنّ هذا الدفاع الثلاثي.. هو المعنى الأصلي لكلمة "كفر"!

فإن الكفر لغةً: هو التغطية، والإخفاء

فالكافر سمي كافرا.. لأنه يغطي الحقيقة، ويقتنع بالوهم!

كيف يقتنع الإنسان بالوهم!؟ بعملية الدفاع الثلاثي
التي يقوم بها (غالب البشر) غير الصادقين في إرادة الحق، غير "الموقنين" بوجود يوم آخر سيحاسب الناس فيه على كل ذرة مرت عليهم في هذا "الاختبار"
1- استغراب 2- رفض 3- نسيان!

أما (الصادق = المؤمن = الموقن) فإنه توّاق للحقائق.. توّاق لأي معلومة تزيده إبصارا بالواقع (المضاد للوهم)
لهذا (يقتنع = يعتقد) بالإسلام (كما تشاهدون وتسمعون من المسلمين الجدد.. كيف يشرحون تعاملهم من القرآن.. وماذا فهموا منه.. الأمر الذي أدى إلى اقتناعهم به ومحاربة الدنيا كلها من أجل اتباعه)

لأنّ ما يوجد في "كلام الله تعالى" = هو الحقائق، هو الحق المطلق، مع كل ما يشعّ منه من أدلة وبراهين وآيات ومطابقة تامة للواقع...


أضرب مثالا بسيطا من سيل الأمثلة التي مرت علي:
أنني عُرضت لي مشكلة أب يسيء معاملة أطفاله، ويعاملهم بقسوة، وغلظة (بهدف مصلحتهم كما يزعم)
وكان من ضمن النصائح التي أوصلتها له، قول رسول الله ﷺ: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"
وأنّ هذا الحديث يعتبر معيارا أصيلا ليعرف العبد إن كان تصرفه مع من حوله من المسلمين يعتبر عدلا وإحسانا، أم ظلما وإساءة.
وأنك حينما تعامل أطفالك.. تخيل نفسك مكانهم في هذا الموقف، وانظر إلى تصرفك معهم.. هل كنت تحب أن يعاملك والدك أو والدتك بهذه الطريقة؟
إن كنت تحب ذلك فامض به، وإن كنت لا تحبه.. فاجتهد وأصلحه.

فكان رده ببساطة: هذا الحديث لا ينطبق على الأب مع أبنائه!

ولمن لا يدرك حقيقة الأمر: هذا الحديث ينطبق على "كل مسلم"، وما دام الأبناء "مسلمين!" فهو ينطبق عليهم، بل إنّ أي أمر من الله تعالى يخص التعامل مع الناس والإحسان إليهم، فإنّه يكون أكثر تأكيدا في حق الأقارب، وأكثر تأكيدا جدا في حق الأطفال! (الذين هم أصلا على الفطرة، ولهم حق بمزيد رحمة وإحسان وحسن ظن عن غيرهم)


أما "المؤمن = الموقن = المعتقد حقا لكلام الله ﷻ"
فحينما يعرض عليه نص مثل هذا
ولنفترض أنه كان غافلا عنه، ولم يدرك أنّ ما يفعله مع أبنائه ظلم وقهر
فإنّ ردة فعله داخليا (في قلبه.. مكان الاعتقاد والقناعة والإيمان)
عكس الدفاع الثلاثي الذي قام به (صاحب المحفوظات!)

1- سيتفاجأ من النص! مفاجأة كالذي كان نائما.. والنص أيقظه!
2- سيشعر بنوع ألم أو تعب.. نتيجة تصادم هذا الحق مع المنظومة التي عاش عليها لسنوات
3- سيشعر بالخجل والندم أنه كان على باطل طوال هذا الوقت! وأنّ الحق كان في طريق آخر تماما!

> والذي سينتج عنه أنه "سيحمل همًّا" في صدره
في التفكر في حقيقة ما كان عليه، وحقيقة ما يجب عليه، وفي المجاهدة وبذل الأسباب ليصلح الخلل الذي عنده، والانتباه دائما على نفسه حتى يكتشف متى يقع في هذا الخلل مرة أخرى...

هذا حال إنسان "معتقد = أي موقن = أي مؤمن" ب "كلام ربه ﷻ"!

أي أنه مصدق به تصديقا جازما
أي أنه مصدق أنّ ربه سبحانه.. لا يقول إلا الحق المطلق
وأنّ ما أجده (بداخلي) من أفكار وقناعات.. قد أكون مستمسكا بها أشد الاستمساك طوال حياتي...
إن ظهر أنها ضد "كلام الله سبحانه"
فإنّ هذا يعني "يقينا" أنّ هذه القناعة هي الخطأ
وأنّ "كلام ربي جل وعلا" هو الحق... يقينا!!

إذن أنا المطالب بأن أغير قناعتي
أنا المطالب بأن أغوص بداخل مشاعري وعقلي.. وأبحث عن تلك الأشجار الضارة الراسخة.. وأتعاهدها حتى أخلعها من قلبي تماما، وأن أستعين بمن أجده من صحبة صالحة، أو أهل، أو ناقدين وناصحين... لأرى حقيقة نفسي، وأفهم أغوارها، وأتدبر النصوص التي تعينني على إصلاحها (مع الاستعانة بالله تعالى على كل ذلك، والصبر عليه.. لأن إصلاح القلب يأخذ وقتا طويلا.. وليس كإصلاح الجوارح!)


مثال آخر:
الحقائق المذكورة في القرآن والسنة، والتي يقتتل عليها "المنتمون!" لعقيدة السلف "بمحفوظاتهم"!
(كصفات الله تعالى، أو تفاصيل الإيمان... الخ)

هذه الحقائق المزلزلة للقلوب.. لم يتكلم الله تعالى بها، وينزلها جل جلاله علينا.. ليكون الهدف منها أن تكون مادة للانتماء!
ومن ثَمّ الولاء والبراء عليها!
واستعمالها لاختبار الناس وتصنيفهم، والتحزب معهم أو ضدهم بسببها!!

هذه الأمور (أو بعضها بمعنى أدق) إنما استعملها العلماء في "بعض الأوقات"! كوسائل لتوضيح الحق للناس، وردهم عن أي تصور خاطئ نشأ عنها (بسبب تسويل الشيطان، أو الجهل بحقيقة معانيها)

ولكن أن يُظن أنّ هذه "العقائد" ودراستها والاهتمام بها... ثمرته الكبرى هي هذا التصنيف والتحزب والولاء والبراء!!!

فهذا بنفسه من أقبح "العقائد" الضالة! التي تسلب من القرآن والسنة أهم مقاصدهم، وتحرفها عن الغاية التي أنزلا من أجلها!

مثال:
عقيدة أنّ الله تعالى في السماء، مستو على عرشه

لماذا أخبرنا الله تعالى بهذه المعلومة!؟
لماذا تكررت في كتابه سبحانه؟

نرجع إلى بعض السياقات:



يهدد الله ﷻ من كذبوه وخالفوا أمره.
الرب العظيم.. خالق الكون كله!
يتوعد حفنة من عبيده.. الذين لا حجم لهم ولا وزن في كونه الواسع سبحانه!
ولكنه رزقهم عقولا وأمدهم في أعمارهم.. فاغتروا بأنفسهم!

يهددهم ويحذرهم عذابه وعقابه! حتى في الدنيا التي تغرقهم همومها!
أنّ هذه الأرض التي تتنافسون على كل شبر منها.. أستطيع بكلمة أن أخسفها بكم! فلا أنتم الذين ظللتم أحياء عليها.. ولا هي ظلت على هيئتها واستقرارها!
وهذه السماء التي أنتم آمنون منها.. وبسبب أمنكم منها أنتم مشغولون بأهوائكم والتنازع على فتات الدنيا تحت أديمها..
أستطيع أن أسلب منها هذا الأمن بكلمة! وأجعلها تمطر عليكم حجارة تدمركم وتدمر أملاككم التي قضيتم أعماركم في جمعها وبنائها!

وتذكروا.. أنا الذي أهددكم.. لست مجرد بشر يعيش معكم على الأرض!
لست ملِكًا تعظمونه وتخافون سطوته.. ولكنه في حقيقته عبد ضعيف! يمرض ويحتاج ويحزن ويخاف...!!
وإنما أنا ربكم الذي في السماء، المنزه عن أن يصلني أي أذى من خلقي!
المقدس السلام من أي نقص وضعف وعيب
العزيز.. الذي إذا أراد شيئا أنفذه.. ولا يستطيع أحد مهما كان! أن يمنعه مما أراد!
الرب العظيم القوي القدوس.. الذي في السماء!

قال ابن عباس رضي الله تعالى عنه: أأمنتم عذاب من في السماء إن عصيتموه!؟

ف "المؤمن = الموقن = صاحب العقيدة الصحيحة في هذه الآية وأمثالها"

حينما يتذكر هذه الحقيقة، أو تُعرض عليه، أو يقرؤها في كتاب ربه سبحانه...
هذا "الاعتقاد = اليقين" بأنّ هذا حق! بأنّه أمر واقع حقيقي.. وليس لهوا!
وليس مجرد بلاغة!
وليس كلاما المقصود منه الثرثرة والتأثير على الناس!!

وإنما هو حق!!!

يجعل قلبه (يذوب!) خوفا من ربه!
وتعظيما له سبحانه
وخجلا من نظره إليه، وهيبة من قدرته عليه!

يجعل قلب "هذا المعتقد = الموقن" متفكرا في حاله، مراجعا لنفسه..
هل أنا أعصي ربي.. الذي في السماء!؟
هل أنا أخالف أمره؟
هل أنا أعبده كما يحب!؟
هل أنا اعامل عباده كما أمرني!؟

ما أخطائي التي يراها ربي الذي في السماء!؟
ما عيوبي التي أنا أعمى عن رؤيتها!؟

هل نُصحت من قبل عليها.. فأهملت وأعرضت!؟
هل يرى من حولي في مما يغضب ربي.. وأنا لا أراه!!؟

فيبدأ رحلة المحاسبة والتبصر والمجاهدة وبذل الأسباب... ليصلح من نفسه ما لا يريد أن يراه عليه ربه.. الذي في السماء!

أو..
أن يكون هذا العبد خائفا من بطش الناس وظلمهم
فيتذكر..
ربي الذي يتحكم في الكون {في السماء}!
وليس في الأرض!
ليس أحد من هؤلاء يملك نفعي أو ضري!
ليس أحد منهم يعلم الغيب.. أو يقدر على كل شيء!!

وإنما ربي الذي {في السماء}! هو وحده العليم تام العلم، القدير تام القدرة!

فتكون نتيجة هذه "العقيدة = اليقين = الإدراك" > أن يتحرك في قلبه شعور التوكل على الله سبحانه، والتعلق به وحده، ويبدأ يخف من قلبه الخوف من المخلوقين...

فينشغل هذا العبد بالدعاء والتضرع لربه، وبمحاسبة نفسه والتوبة مما قد يغضب ربه منه.. فيسلط عليها مثل هؤلاء!
............

من أجل ذلك.. أخبرنا الله تعالى أنه في السماء!

من أجل ذلك كرر جل جلاله علينا هذه الحقيقة..

حتى يصلح بها قلب "المعتقد" لها، وتصلح جوارحه!


أما أن لا تحدث هذه العقائد في قلوب الناس ولا في جوارحهم أيا من هذا
فتجدهم لا تقوى لهم! ولا عدل! ولا إنصاف! ولا تواضع!
ولا حسن ظن! ولا أخوة إيمانية! ولا تعاون على البر والتقوى!
بل كبر، واحتقار لغيرهم، وسوء ظن، وعجب بأنفسهم.. ناهيك عن التعبد لله بالسب واللعن والبهتان والغيبة والنميمة...!!!!!!

وتصبح هذه العقيدة مجرد "محفوظ"! لديهم، يتفقون على أن يتحزبوا بها على غيرهم!

فهذه جريمة.. ليس في حقهم
فمن الواضح أنهم لا همّ لهم لا بإصلاح غيرهم.. ولا حتى بإصلاح أنفسهم
ولكنها جريمة في حق الإسلام!
أن ينتشر أمثال هؤلاء في الأمة.. رافعين بهتانا وزورا لواء "السلفية" أو "أهل السنة"
وهم أبعد ما يكونون عنها
بل أقل ما يقال فيهم أنهم مبتدعة!
يتعبدون الله بالتحزب والتقاتل والتعصب، دون التقوى والنصيحة والدعوة إليه سبحانه.


وكلام الشيخ العصيمي هنا فقط عن المهتم بجانب الرد على الشبهات وتبيين حال البدع في الاعتقادات من غيرهم...
وليس كلامه عمن يتعبدون الله بالفسق والفجور والظلم وتتبع العورات وإساءة الظن... ويهربون من النصيحة والحوار والوعظ.. وكأن رسول الله ﷺ قال لهم (إياكم والنصيحة!!!) ولم يقل لهم: "الدين النصيحة"!


لتكتمل الصورة:

طيب.. ما الواجب علي إذن (إذا رأيت من لديه خلل في عقيدته، أو بدعة، أو رأيته يدعو إلى ذلك...) بعد أن أكون أنا حققت ما يجب علي من إصلاح قلبي وعملي!؟

أولا:
يجب أن نفهم أنّ الإسلام الذي أمرنا:
1- بالقسط والعدل
2- وبحسن الظن
3- وبالاجتماع، ونهانا عن التفرق والتحزب
4- وأمرنا أن نكون إخوة - بكل ما تحمله كلمة إخوة من ولاء ونصرة ومحبة وقرب ومودة... -
5- وأن نصلح بين أخوينا
6- وأن نحب لأخينا ما نحب لأنفسنا
7- وأمرنا بالنصيحة - وأصلها إرادة الخير للمنصوح
..... الخ

لا يمكن اتباع هذه العبادات فيه... إلا بالتعامل مع "كل إنسان" كفرد، وليس كجزء من جماعة!

هذا الأمر يدخل ضمنا تحت كل هذه العبادات، فلا يمكن تطبيقها واقعيا إلا به! (وهو ما يخالف غالب أهواء البشر، واندفاعات قلوبهم لتكوين صورة عن الإنسان، وتصنيف، وتوقعات... قبل معرفته!!!)

فالله تعالى يأمرنا حينما نتعامل مع أي أحد (حتى الكافر!) أن نعامله وفقا لحقيقة (أننا لا نعرفه!)
هذه هي الحقيقة...
نحن لا نعرف عن هذا الإنسان أي شيء!
وفي أحيان كثيرة لا نعرف حتى شكله!
وأحيانا لا نعرف إلا اسمه!

ومع ذلك.. ما يجده غالب البشر في قلوبهم.. هو حكم سريع على هذا الإنسان بمجرد شكله، أو اسمه، أو ما قيل عنه...
فبسرعة تجدهم يكونون صورة عنه لها مسمى، أو عدة مسميات (أبيض، أسود، عربي، أعجمي، سعودي، مصري، تركي، سلفي، أشعري، صوفي، كافر، مسلم....... الخ)

وليست المشكلة في مجرد إقرار هذه الحقائق
وإنما في المنظومة الجاهزة التي يلصقونها بهذه الأسماء، ليكونوا صورة (واضحة!! بالنسبة لهم) في عقولهم عن هذا الإنسان
بحيث "يشعرون!!" أنهم: يعرفونه! ويعرفون طريقة تفكيره! ويعرفون شخصيته! ويعرفون أخلاقه!! ويعرفون انتماءه!!! ويعرفون ماذا يتوقعون عند التعامل معه!!!!

هذه النزعة (الشركية) في قلوب غير المتقين من الناس
الناتجة عن رغبتهم بمعرفة الغيب! (بشق صدور الناس بمجرد أسمائهم، أو بعض أوصافهم!)
حتى "يرتاحوا" بزعمهم.. ولا يتفاجؤوا بتصرف يأتيهم من هذا الإنسان وهم غير مستعدين له
بل هم يعرفون كل صفاته مسبقا!
فلن يستطيع خداعهم ولا أذيتهم!!!

هذه هي منظومة سوء الظن التي قال عنها رسول الله ﷺ:


لنتخيل أن غالب الناس (سيئي الظن!) يطبقون تصوراتهم المسبقة على قبائل! بل شعوبا بأكملها!!!
فيرتاحون أنهم يعرفون كل ما يحتاجون إلى معرفته عن أي شخص يأتيهم من هذه القبيلة، أو هذا الشعب!

في حين أنّ الحقيقة:
أنّ أفراد البيت الواحد.. مختلفون عن بعضهم أختلافات جذرية! حتى كأنهم لا يعرفون بعضهم!!

وتفكر أيها القارئ في نفسك وإخوتك، وأنتم لستم فقط من نفس القبيلة، أو الشعب، وإنما من نفس العائلة، بل من نفس الأب والأم!
كم أنتم مختلفون في أفكاركم، وأخلاقكم، وما هو المتوقع من كل واحد منكم في المواقف المختلفة!!

تخيل الآن حينما يتعامل أحد من أخيك مثلا، فيواجه معه موقفا سيئا، يقوم فيه أخوك بظلمه، أو إساءة الأدب معه، أو خداعه...

ثم بعد فترة يصدف أن تقف أمام هذا الإنسان في معاملة ما (ذهبت لتخطب من أسرتهم مثلا!)، فيسألك عن اسمك فتخبره باسمك واسم أبيك واسم عائلتك
فيقول لك: أنت أخو فلان!؟
فتقول: نعم!
فيقول: ابتعد عنا، لا نريد أن نتعامل معكم.. فنحن نعرف صنفكم!
أنتم أهل البيت الفلاني.. لا أخلاق لديكم ولا أدب!

وتكون أنت بأخلاقك ودينك مختلف تماما عن أخيك
ماذا سيكون شعورك!؟
هل ستحب أن تكون في هذا الموقف!؟
هل ترضى بأن يعاملك الناس على أنك (جزء من جماعة!) فيفترضون فيك صفات وأفكار وتصرفات.. لمجرد كونك منتسبا لهذه الجماعة!؟

لا أحد يرضى بهذا لنفسه!
هذا بالضبط ضد ثمرة النقاط السبعة التي ذكرناها قبل قليل (الظلم، وسوء الظن، والتفرق، والتطفيف...... الخ)

بنفس الطريقة يجب عليك شرعا أن تتعامل مع "أي أحد" لا تعرفه معرفة قريبة شخصية، حينما ترى عليه أو تسمع عنه مخالفة شرعية.

فإذا رأيت أو سمعت عن أحد لديه خلل في عقيدته أو دعوته
فإنّ أول ما يجب أن تجاهد نفسك لتقوم به، هو أن تصفي قلبك من سوء الظن به
أي أن تفكر اتجاهه بإحسان ظن، دون تصورات سابقة

هذا سيعيدك إلى حجمك الطبيعي.. أنك عبد لا تعلم الغيب، لا تعلم ما في قلب هذا الإنسان، ولا كيف يفكر، ولا مدى تواضعه واستجابته من كبره وعناده، ولا ما يوجد في عقله من شبهات، ولا مقدار تعقيدها وصعوبتها عليه..... ولا شيء من هذا!

ثانيا:
سيكون التصرف "الطبيعي!" المتوقع من "المؤمن.. التقي.. حسن الظن"

هو:
1- سؤال هذا الإنسان عما يقصد، أو عما إذا كان ما سمعته عنه صحيح "ما حملك على ما صنعت!"
سؤاله هو شخصيا!
وليس سؤال "شيخك" عنه!
وليس سؤال أصحابك!
وليس مراقبة تغريداته وكتبه فحسب!

2- إن أجابك بمقصده، وكان مقصده ليس فيه خلل شرعي، فالواجب أن تصدقه فيما يقول، وتحسن الظن به
فإن كان قال أو كتب ما يحتمل أكثر من معنى، انصحه بأدب ورفق أن من الأفضل أن يوضح مقصده مما كتب، لأنّ هناك من سيفهمون ما كتبه أو قاله بأنه كذا وكذا..

3- إن كان مقصده فيه خلل، فالواجب عليك محاورته والإنصات لما عنده، بصبر وأدب وسعة صدر، من أجل بيان الحق بيانا تاما، حتى يدرك "هو" حسب مقدرته هو على الفهم أبعاد الموضوع، وأدلته وبراهينه
ويجب عليك الانتفاع من الحق الذي عنده.. والاعتراف به


4- إن قدر الله أن حصل هذا، وتم الإيضاح والبيان ورد الشبهات، وتم فهمه هو للأدلة والبراهين، ثم تبين أنه لازال (رغم الفهم) يلف ويدور، ويتهرب من اتباع الحق، ويسيء الأدب في تلبيس الحق بالباطل.... الخ
هنا أولا تبين أن لديه كبرا، هذا الكبر هو الذي يستحق العبد عليه الانتقال إلى الشدة بدرجاتها (وليس مجرد المعصية أو البدعة أو المخالفة!)


5- وثانيا يجب عليك أن تسأل نفسك:
هل هذا الخلل الذي أنصحه به: مما يسوغ فيه الاجتهاد.. أم لا!؟
فإن كان يسوغ فيه الاجتهاد، فلا يجوز لك لا أن تغلظ عليه في الإنكار، ولا حتى أن تحمل في قلبك عليه بغضا أو نفورا.. إلا بمقدار ما بان عليه من الكبر.

وإن كان مما لا يسوغ فيه الاجتهاد.. فهل هو من المعلوم من الدين بالضرورة!؟ من المحكمات الواضحات التي لا يختلف عليها أحد؟
أم من المسائل العلمية الدقيقة التي تحتاج إلى كثير نظر وبحث لإدراكها!؟

فإن كانت من الواضحات.. زاد تأكيد كونه متكبرا برفضها (ومثاله ما نشرحه هنا في هذا المقال، من تحريم الكبر وسوء الظن والتعصب... فإنه لا يختلف أحد على أنها من الكبائر في الدين!)

وإن كانت من الأمور الدقيقة، يجب عليك أن يظل جزء من قلبك محسن الظن بأخيك، راجيا من الله تعالى أن يبصره ويفتح عليه لفهمها، وراجيا من الله ان يبصرك أنت لعلك تكون أسأت فهم شيء منها، أو أسأت فهم مقصد أخيك بخصوصها...

6- فبعد كل هذا، إن تبين أنه متكبر، ومخالف لأمر واضح من الدين، وكان يدعو إلى ذلك، وهذا الأمر لا يسوغ الاجتهاد فيه، ولم يقبل النصيحة ولا التوضيح ولا الشرح وبيان الحق...

حينها "يضطر" الصادق للتحذير منه، ولا يكون الجهد المبذول في التحذير منه كشخص، بمقدار التحذير من الخطأ الذي يدعو له، ببيان الأدلة والبراهين ورد الشبهات على هذا الخطأ، وعلى بيان الحق الذي يريده الله سبحانه منه

فإنّ الهدف هداية الناس، وليس الهدف تحقير الأشخاص وشن الحروب معهم!


التقوى ليست سهلة!
واتباع السلف ليس سهلا!!
حتى يتمحك به كل مريض قلب.. يدعي أنه منتم له.. وهو ليس إلا فاجرا في الخصومة، معتد على الناس، منفرا لهم عن دين الله جل جلاله..


كم من كافر وعاص.. أو من نشأ في بيئة علمته البدعة على أنها سنة... ولكنه يحمل في قلبه العقيدة الصحيحة الموافقة لفطرته.. وينتظر فقط دفعة - من ناصح متواضع صادق - ليدرك ذلك، وينفض عنه التراب، ويهتدي لطريق الحق!؟

إنّ الله تعالى ملأ كتابه بذكر وصوفات الكفر والبدعة والنفاق والضلال
دون أن ينسب إليها أشخاصا بأعيانهم
(إلا من ماتوا وانتهى اختبارهم كفرعون، أو أبو لهب.. ولاحظوا أن العلماء استنتجوا من ذكر الله تعالى لمصير أبي لهب قبل موته.. أن هذا دليل على أنه لن يهتدي أبدا!)

أما من لا نعلم كيف يختم له...
فإنّ دعوة رسول الله ﷺ لهم كانت لكل واحد منهم على حدا
حسب فهمه هو
بالحوار والأدلة والبراهين...
لم يحدث (ولا يمكن أن يحدث مع أي نبي ولا صحابي ولا صالح!) أن جاءه أحد ليكلمه، فقال له: أنت من المشركين؟ أنت من الدهريين؟ أنت من المنافقين؟
إذن أنت عقيدتك كذا وكذا
أنت ضال منحرف... (ناهيك عن قول: أنت "كذا وكذا" من الشتائم! أنت لا عقل لك! أنت لا فائدة منك.......... الخ)
دون أن يحاوره! ودون أن يسمع منه.. فقد لأنه صنفه أنه تبع للفريق الفلاني!!!)

نتحدى أي أحد أن يأتي من سلوك رسول الله ﷺ أو أي من الأنبياء أو أي من الصحابة أو الأئمة الذين عُرفوا بالتقوى واتباع السنة (على الرغم من عدم عصمة أحد منهم!)
بسلوك مثل هذا!
وإن أتى بموقف نادر صدر من أحدهم.. نتحداه أن يكون قد أقِرّ على ذلك
من الله تعالى أو من الصالحين من حوله!


فما أنت مأمور به شرعا هو: النصيحة والحوار والإنصات
بكل شروط النصيحة التي يجب على المسلم أن يتعلمها.. ويجاهد نفسه ليسير عليها (أن تكون بالسر أولا، وبحسن الظن، والرفق واللين، والاستماع لما عند الطرف الآخر من فهم أو حجج، والتفكر في كل واحدة منها، والموافقة على الحق الذي فيها، والرد على كل باطل منها بما يناسبه، وافتراض سوء فهم المنصوح بدلا من افتراض تعمده للخطأ، ومحاولة إزالة اللبس عنه، والموعظة التي فيها تحريك القلوب، والترغيب في الحق، والتنفير من الباطل......... الخ)


المأمور به مجهد وليس سهلا.. ولكن الاتهام والهجوم وسوء الأدب سهل!
وهذا يبين الفرق الأساسي بين (التابع للسلف الصالح على الحقيقة) و (المدعي لاتباعهم)
أن الأول متقي، مجتهد، متفكر، صبور، مخالف لهواه...
والثاني فاسق.. وجد طريقا ليقلد الصالحين فيحظى ببعض بريقهم في المجتمع.. ولكن بالطريق السهل! دون تعب ولا تفكير ولا مخالفة هوى...


طريق الإصلاح الحقيقي طويل، وليس سهلا،

لأنه يتعامل مع كل فرد على حدا

- باحترام لحقوقه

- ورغبة في معرفة ما عنده من حق أو باطل

- وإدراك لمقدار فهمه أو عدم فهمه

- ومحاورة قلبه وعقله.. لأن الهدف هدايته

وتوجيه قلبه للصواب


فهذا يحتاج إلى جهد كبير.. مع كل شخص

وبالتالي.. لن يهتدي هداية حقيقية إلا عدد قليل (نسبيا).. ولكن هداية حقيقية صحيحة..

وغالب الناس لا تريد هذا!
بل تريد هداية سريعة..
وبأعداد كبيرة!

فإما يعرضون على الناس الهداية (ناقصة ومشوهة.. ولكنها لطيفة ومحببة للنفوس.. فيقبلونها بسرعة - لكنها ليست الدين الحق!)

أو أن لا تهمهم هداية الناس أصلا!
وإنما الخلاف معهم، ودخولهم في الحروب والاتهامات.. والتي لا يمكن أن يكون الهدف منها إلا العلو في الأرض! وبيان أنه الأفضل والأكثر دينا! وأن خصومه هم الضالون الهالكون!


كما قلنا في البداية
هذا الموضوع يعتبر جوهرا في الإسلام، ويحتاج إلى كلام وتوضيح أكثر بكثير من هذا
ولكن لعل الله تعالى أن يفتح به
وينبه الناس على الأقل.. أن ليس كل من ادعى السلفية كان صادقا!
وليس كل من ظن في نفسه أنه سلفي... كان محقا!

ف #الحكم_على_الحقائق_لا_المسميات

اللهم رد المسلمين إليك ردا جميلا
وارزق المسلمين الشغف بتعلم دينهم الحق!
وبذل الجهد لذلك!
وأصلح قلوبنا وأعمالنا
واجعلنا مفاتيح للخير.. لا مفاتيح للشر!
وأحسن خواتيمنا.. واجعل خير أيامنا يوم لقائك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أرشيف المدونة الإلكترونية