تابع / الصراط المستقيم (جـ)
إن الحمد
لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من
يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا
شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
{ يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ
إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } أما بعد:[1]
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } أما بعد:[1]
فإن خيرَ
الحديثِ كتابُ اللَّهِ، وخيرَ الهَديِ هَديُ محمَّدٍ s، وشرُّ الأمورِ محدثاتُها، وَكُلُّ مُحدثةٍ بدعةٌ وَكُلُّ بدعةٍ
ضلالةٌ، وَكُلُّ ضلالةٍ في النَّارِ [2]
قد بدأنا في الخطبتين الماضيتين بتلمس معالم الصراط
المستقيم الذي أمرنا ربنا جل في علاه بسلوكه، حينما قال سبحانه {وَأَنَّ
هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا
فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ
ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)} [3]
وعرفنا أن أول مصدر لهدايتنا في سلوك الصراط المستقيم هو
القرآن (المحكم، المفصل، المبارك، البين، العظيم،
الهداية، النور، الرحمة، والشفاء، والروح...)
ثم علمنا من القرآن أن
المصدر الثاني لهدايتنا في الصراط المستقيم هو السنة.
ثم علمنا من القرآن أن
المصدر الثالث لهدايتنا في الصراط المستقيم هو اتباع سبيل الصحابة بإحسان.
وهنا نفهم هذا البيت من نونية ابن القيم رحمه الله تعالى
في وصف الجنة، حين قال:
العِـلم
قال الله قال رسولـه *** قال الصحابة هم أولو العرفان
ما
العلم نصبك للخلاف سفاهةً *** بين الرسول وبين رأي فلان !
فكيف يجب على كل مسلم أن يتعلم القرآن والسنة وفهم
الصحابة في كل عصر!؟
هل يجب علينا جميعا أن نفتح القرآن والسنة وكلام الصحابة
لوحدنا؟ ثم يحكم كل واحد منا في أمور دينه ودنياه بنفسه دون الرجوع إلى أحد !؟؟
إن غالب الناس خاصة في زماننا لديهم ثقافة عامة في شتى
العلوم، فتجد لدينا جميعا معلومات طبية، ومعلومات رياضية، ومعلومات هندسية،
ومعلومات تجارية، ومعلومات دينية...
لكنك أيها المسلم حينما تمرض وتحتاج إلى علاج، هل تكتفي
بثقافتك العامة لعلاج نفسك !؟ هل تسأل صاحبك المهندس، أو جارك النجار عما يجب أن
تأخذه من أدوية لعل الله أن يجعلها سببا في شفائك !؟
في الواقع: لا أحد يفعل هذا، إنما من يمرض يذهب إلى
الطبيب ( الذي لديه علم شامل وكبير في تخصص الطب، قد تفرغ له، وجمع عنه علما
كثيرا، فيسأله مما تعلمه عن حاله وما يحتاج إليه )
ومن يريد أن يبني بيته يذهب إلى المهندس ( الذي لديه علم
شامل وكبير في تخصص الهندسة، قد تفرغ له، وجمع علما كثيرا عنه )
ومن يريد أن يتاجر يذهب إلى المتخصصين في التجارة (
الذين لديهم علم شامل وكبير في مجال التجارة، قد تفرغوا له، وجمعوا علما كثيرا عنه
)
... الخ
وكذلك الذي يريد أن يتعلم دينه ليعمل به، يجب عليه أن
يذهب إلى علماء الدين ( الذين لديهم علم شامل وكبير في علوم الدين، قد تفرغوا لها،
وجمعوا علما كثيرا عنها )
إذن لابد وأن ننتبه أن كلمة "عالم" يُقصد بها:
صاحب التخصص، الذي تفرغ لتعلم دين الله تعالى، وفهمه من جميع جوانبه، وبذل الجهد
العظيم للجمع بين أدلته، دون أن يتجاهل أو يُلغي منها دليلا واحدا.
-
فهل أمرنا الله تعالى بأن نأخذ العلم من العلماء !؟
-
هل
يجب أن يكون هناك علماء أصلا !!؟ أم يستطيع كل مسلم أن يبحث بنفسه في القرآن
والسنة وفهم الصحابة ويستنتج منهم ما يجب عليه أن يعتقده ويعمل به !!!؟
يقول الله جل في علاه:
هُوَ
الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ
الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ
فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ
تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ
فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا
يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7) [4]
شَهِدَ
اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو
الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ (18) [5]
يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي
الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ
فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)
[6]
وَإِذَا
جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ
إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ
لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ
وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ
إِلَّا قَلِيلًا (83) [7]
وَمَا
كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ
مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا
قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (122)
[8]
وَمِنْهُمْ
مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ
أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آَنِفًا أُولَئِكَ
الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (16) [9]
إن الآيات السابقة بينت أن الله تعالى قد أمر الأمة أن
يكون فيها علماء يجمعون الدين، ويتفقهون فيه، ويبلغونه لمن حولهم ولمن بعدهم.
وأمر سبحانه عوام الناس بأن يطيعوا هؤلاء العلماء في
نقلهم للدين، وبينت آية النساء أن طاعة العلماء تابعة لطاعة الله تعالى ورسوله s .
فلا يستطيع كل مسلم أن يقرأ القرآن قراءة سطحية، ويقرأ
السنة قراءة سطحية، ثم يقول: سأطبق القرآن والسنة وقول الصحابة لوحدي، وأنا غير
ملزم باتباع العلماء..
لماذا ؟
لنتدبر سريعا الآية الأولى التي قرآناها قبل قليل، وهي
الآية السابعة من سورة آل عمران. ماذا يقول ربي الحكيم الرحيم سبحانه ؟
هُوَ
الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ
الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ
فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ
تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ
فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا
يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7) [10]
إن من حكمة الله تعالى في هذا الاختبار الذي أنزلنا فيه،
أن جعل في وحيه ( الذي هو القرآن والسنة ) آيات محكمات: يعني واضحات المعنى، لا التباس
فيها على أحد من الناس، ولا يختلف على معناها اثنان
{هن أم الكتاب} أي أصله
ومرجعه الذي يُرجَعُ إليه.
{وأخر متشابهات} أي أن
من طبيعتها اللغوية، أنها يمكن أن تحتمل أكثر من
معنى، ولكن متى !!؟
إذا اقتُطِعت من
السياق، أو اقتطعت من الدين بكل ما فيه.
نضرب هنا مثالا (والأمثلة كثيرة) يقول ربي سبحانه حاكيا
عن صالح s أنه قال { إِنَّ
رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ } [11]
كلمة {قريب} في الآية تحتمل أكثر من معنى:
-
تحتمل معنى أنه قريب بذاته
-
وتحتمل معنى أنه قريب بنَسَبه
-
وتحتمل معنى أنه قريب بمحبته ومودته
-
وتحتمل معنى أنه قريب بعلمه واطلاعه ورحمته وحفظه وسمعه
وبصره وقدرته...
-
... الخ.
فهذا من طبيعة الكلمة، أن لها معان كثيرة تفهم حسب
السياق. فتعتبر كلمة قريب هنا من المتشابهات.
نكمل التدبر:
{فأما
الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله}
أهل الأهواء، أهل الزيغ، أهل الضلال (إن كان عندهم علم
أو كانوا جهلاء) يتبعون ما تشابه منه
يستغلون أن الكلمة تحتمل أكثر من معنى، فيختارون المعنى
الذي يوافق هواهم وعقولهم
( وإن كان يخالف بقية القرآن والسنة جميعا )
فإذا عدنا إلى مثالنا: تجد من يقول لك أن الله تعالى في
كل مكان !!!!!! حاشاه ربنا العلي جل في علاه.
لماذا ؟ لأنه أخبر أنه القريب. ثم يبنون لك دينا جديدا
حول هذه الكلمة.
فماذا يفعل علماء الحق إذن !؟
{وما يعلم
تأويله إلا الله والراسخون في العلم} أي أن المعنى الصحيح لهذه الآيات المتشابهات لا يعلمه
إلا الله والراسخون في العلم
لهذا هم يقولون { آمنا به
} لماذا ؟
{ كلٌّ من
عند ربنا } أي أنه ما دام له من عند
الله تعالى، إذن لا يمكن أن يتعارض أو يتناقض، بل إنه كله متفق يصدق بعضه بعضا ويشهد
بعضه لبعض.
ففي هذا المثال: كم من آية وحديث أخبرنا ربنا بهم أنه (في السماء) ، ( على العرش استوى ) ، (فوق السماء السابعة)...
وأنه ليس كمثله شيء
وأنه الكبير المتعال
وأنه تنزه عن الشبيه والمثيل...
فيكون المعنى الصحيح لاسمه القريب سبحانه: هو القريب بعلمه واطلاعه ورحمته وحفظه وسمعه وبصره وقدرته...
لماذا ؟ لأن { كل من عند ربنا } وكلام ربنا لا يتناقض.
ففي هذا المثال: كم من آية وحديث أخبرنا ربنا بهم أنه (في السماء) ، ( على العرش استوى ) ، (فوق السماء السابعة)...
وأنه ليس كمثله شيء
وأنه الكبير المتعال
وأنه تنزه عن الشبيه والمثيل...
فيكون المعنى الصحيح لاسمه القريب سبحانه: هو القريب بعلمه واطلاعه ورحمته وحفظه وسمعه وبصره وقدرته...
لماذا ؟ لأن { كل من عند ربنا } وكلام ربنا لا يتناقض.
في الخطبة الثانية سنبين في عجالة شديدة ما يفعله
العلماء، وما ميزتهم التي تجعلنا ملزمين بأخذ العلم عنهم.
أقُولُ قَوْلي هَذَا وَأسْتغْفِرُ اللَّه
العَظِيمَ لي وَلَكُمْ، فَاسْتغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
*** *** ***
الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا، ولم يكن له
شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا.
أما بعد:
كان العالم من
علماء السلف (خاصة في القرون الثلاثة الأولى)
-
يحفظ القرآن
(وربما بأكثر من قراءة)
-
يحفظ مئات
الآلاف من الأحاديث، وفيها:
·
الصحيح من
أحاديث النبي s
·
والضعيف من
أحاديث النبي s
·
والصحيح من
روايات الصحابة
·
والضعيف من
روايات الصحابة
·
بأسانيدهم
جميعا
·
بالتكرارات
التي فيهم
·
.... وغيرهم
كما كان أحمد بن حنبل: يحفظ مليون حديث، والبخاري: يحفظ
مائة ألف حديث صحيح، ومائتي ألف حديث غير صحيح... وغيرهم
ومن لم يحفظ
مئات الآلاف منها، كان يحفظ عشرات الآلاف، ويكتب الباقي.
ومن أهم صفات العالم الحق
التي تجعل المسلم العامي يتبعه ويترك غيره، هو إخلاصه وتقواه، التي تظهر للعامي
على شكل:
o
حرصه على العمل بالعلم
o
وحرصه على أن
يعتقد ويُعلّم الناس الدين كله، لا يلغي منه حرفا واحدا، بسبب عقله أو هواه.
فجمع هؤلاء العلماء
العلم، واستخلصوا أحكام جميع المسائل التفصيلة بأدلتها، وصنفوها في مصنفات منفصلة:
-
جمعوا كل
الأدلة التي تخص التوحيد... بتفاصيله
-
والشرك...
بتفاصيله
-
والصلاة...
بتفاصيلها
-
والطهارة...
بتفاصيلها
-
والإحسان إلى
الناس... بتفاصيله...
-
الخ
فكم تحتاج كل
مسألة من هذه المسائل إلى بحث ..!؟؟
وخلال بحثهم وجدوا
من الأدلة (ما ظاهره التعارض!)
فبذلوا جهدا
أكبر لفهم هذا التعارض وسببه، وبذلوا الجهد في الأخذ بجميع تلك الأدلة دون تعارض
بينها، حتى
لا يلغوا من دين الله تعالى شيئا على هواهم وعقولهم !
-
بذلوا الجهد في
علم مصطلح الحديث، حتى يعرفوا هم ومن بعدهم كيف يميزون بين الأحاديث الصحيحة
وغيرها.
-
صنفوا الكتب
التي جمعوا فيها خلاصة ما تعلموه، وجعلوا كتبا خاصة لكل من:
-
الأحاديث
الصحيحة
-
والأحاديث
الأقل صحة
-
والأحاديث
الضعيفة
-
ومسائل الدين
(كتب الفقه) بالأدلة التي جاءت فيها
-
ومسائل الدين..
بخلاصة الأحكام التي خرجوا بها من هذه الأدلة
-
وكتب متنوعة في
علم مصطلح الحديث
-
وتفسير القرآن
(بالقرآن، والسنة، وأقوال الصحابة والتابعين)
-
...
-
كثير منهم سافر
ليفعل كثيرا من هذه الأمور، مع صعوبة السفر، وقلة الزاد، وطول المدة، ومفارقة
الأهل والبلد...
فكم من الجهد
احتاج كل هذا !!!!؟؟؟
لماذا كل هذا الجهد !!؟ من
أجل الهدف الذي نحسب أنه ملأ قلوبهم..
وهو "أن يرضى الله
تعالى" عنهم.. وعن
الناس الذين يحاولون إنقاذهم من عذابه سبحانه.
فتركوا لنا
ميراثا محفوظا صحيحا مُنضبطا، وفّروا به علينا جهدا لم نكن لنستطيع فعله.. فجزاهم
الله عن جميع المسلمين خيرا.
وهذا لا يعني
أنهم كانوا معصومين، إنما هم بشر، لديهم أخطاء (قليلة جدا مقارنة مع غيرهم)
ابتلاهم الله تعالى بها:
أولا: ليختبر تقوى كل واحد ممن يأخذ عنهم العلم (هل يبحث عن
الزلات، أم يبحث عن الحق؟)
وثانيا: لينتزع من قلوب الناس تعظيمهم
وعبادتهم من دون الله (فهم بشر ولكنهم علماء)
أما العلماء
المعاصرون، فإن من مسؤوليتهم أن:
-
يحفظوا القرآن
-
ويحفظوا ما
استطاعوا من السنة
-
ويحفظوا ما
استطاعوا من أقوال الصحابة
-
وينتفعوا من
كتب الحديث (ليعرفوا الصحيح من الصعيف)
-
ويتعلموا لسان العرب
-
وينتفعوا من كل
الكتب التي صنفها الأولون ليأخذوا زبدة علمهم منها
-
ويتعلموا
الأصول التي صنفها من قبلهم (وهي قواعد عامة، مستخلصة من القرآن والسنة، تعتبر
عناوين تسهل فهم كل ما يندرج تحتها من مسائل، وتسهل قياس المسائل الجديدة
المستحدثة في كل زمن عليها)
ولا ينسوا
الإخلاص، الذي يجعلهم:
o
يبذلون الجهد
في أن يعملوا بما تعلموا (بقلوبهم وجوارحهم)
o
وينقلوا
الدين كله للناس، بعد أن يتعبوا في جمعه (لا أن يتخيروا منه ما يناسبهم، ويتغافلوا عما لا
يناسبهم)
إذن:
العلماء أصحاب تخصص، بذلوا ويبذلون الجهد العظيم من أجل
جمع العلم وإيصاله للناس، مع ما عليهم من العمل به بقلوبهم وجوارحهم
فأنت أيها الطبيب، أنت
أيها المهندس، أنت أيها التاجر، أنت يا ربة البيت، أنت أيها العامي المشغول...
إما أن تدخل في هذا
التخصص، وتبذل له حياتك ووقتك وجهدك وقلبك وأنفاسك... كما فعلوا
أو أن تأخذ العلم منهم،
وتنشغل أنت بما تريد أن تنشغل به
حتى لا تأخذ آية واحدة، أو حديثا واحدا، فتطبقه بسذاجة دون
أن تعلم كل النصوص التي تكمل هذه الآية أو هذا الحديث
أما علماء
الضلال: فإنهم يستغلون جهل الناس بدينهم فيأتونهم بآية،
أو بحديث متشابه >>> ويبنون عليه دينا جديدا (يخالف بقية آيات وأحاديث دين الله)
إن كان جهلا
منهم، أو اتباعا للهوى.
قال حبيب
الرحمن s من حديث أبي
الدرداء d : " من سلك طريقا يطلب فيه علما، سلك الله به طريقا من
طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب
العلم، وإن العالم
ليستغفر
له
من في السماوات ومن في الأرض، والحيتان في جوف الماء، وإن فضل
العالم
على
العابد كفضل القمر ليلة البدر على
سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم
يورثوا دينارا ولا درهما، ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر
" [13]
سؤال: هل يجوز أخذ العلم عن طلبة العلم الصغار !؟
إذا كان طالب
العلم هذا (ثقة) وتابع للعلماء الراسخين، فسيعطيك من العلم ما وصله، فإذا أتى على
شيء لا يعلمه قال لك: لا أعلم.
فخذ منه.
أما إن كان
(غير ثقة) ويُدخل عقله وهواه في كلامه... فاحذره.
والناصحون !؟
إذا نصحك أي
إنسان (حتى غير المسلم) :
- وأتى لك بدليل واضح محكم على كلامه
- أو أتى لك بكلام عالم راسخ ثقة
- أو كان كلامه معروفا، وكان من باب
الموعظة والتذكرة لك فحسب
فاقبل نصيحته..
وانتفع منها
أما خلاف ذلك..
فاحذر
هذا هو الصراط المستقيم
الذي أمرنا الله تعالى بأن نسلكه، ونحذر ما دونه
القرآن
والسنة
بفهم الصحابة
عن طريق العلماء الراسخون
الثقات
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه،
وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه، اللهم أيها الحكيم أيها العليم أيها الرحيم، يامن
أنزلت إلينا دينا قيما محكما ميسرا جميلا، أوزعنا حمدك وشكرك على عظيم منتك وكرمك،
يارب أعنا على أن نفهم دينك، واشرح له صدورنا، واجعله ربيع قلوبنا، وثبتنا على العمل
به حتى نلقاك، اللهم نجنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم ثبتنا بالقول الثابت
في الحياة الدنيا والآخرة، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، نحن وجميع آبائنا
وأمهاتنا وأهلينا وأحبابنا والمسلمين في كل مكان يا أرحم الراحيم.
وأقم الصلاة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق