~كتاب الله~
هو الهدى والنور والروح والرحمة والشفاء والبركة والبرهان والحكمة والحق...
نحتاج أن ننكب على تدبره وفهمه وإسقاطه على قلوبنا وأبداننا لنصلح لمجاورة الله في الجنة


تابعونا

على الحساب الموحد في تويتر وانستجرام @TadabbarAlquran

تابعوا مدونة "علم ينتفع به" تحوي تفاريغ دروس الأستاذة أناهيد السميري جزاها الله خيرا ونفع بها http://tafaregdroos.blogspot.com

الأربعاء، 23 أكتوبر 2013

اختبارنا {إما شاكرا وإما كفورا} ~


بسم الله الرحمن الرحيم



دورة : {إما شاكرا وإما كفورا}




(1)  لقد خلقنا الله تعالى في اختبار، وهذه الآيات في بداية سورة الإنسان تحكي لنا ملخص قصة اختبارنا، فيقول ربي سبحانه:

{ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا * إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا }الإنسان (1-3)






- { هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا !؟} : بداية قصتك أنك لم تكن شيئا مذكورا، أنت لا شيء، أنت حادث على هذا العالم، الدنيا كانت سائرة بدونك، وستبقى سائرة بدونك، لا تظن أنك تملك رزق أحد، أو أنك يجب أن تكون موجودا لينصلح أمر فلان أو فلان، أنت لم تكن شيئا، كنت عدما، لم يكن لك وجود ولا ذكر.


- وحين أصبحت شيئا، حين بدأت قصة وجودك كنت ماذا !؟ {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ} حينما خلقك الله من لا شيء، جعلك نطفة، نقطة دم حقيرة لا تُرى بالعين المجردة، مغمورة في رحم امرأة، هذا أنت، لا تفكر في هذه اللحظة بأبنائك، ولكن فكر في نفسك، أنت كنت هذا الشيء، هذه حقيقتك. {أمشاج} خليط من ماء الرجل وماء المرأة.


- لماذا يا رب خلقتنا ؟ {نبتليه} خلقنا ليختبرنا، وليس لننشغل بالدنيا ونغوص في تفاصيلها.


- هل خلقنا عاجزين عن أداء هذا الاختبار؟ لا والله {فجعلناه سميعا بصيرا} أعطانا كل الإمكانيات التي نحتاجها لنجتاز هذا الاختبار، من سمع وبصر وعقل وجوارح وفهم ومشاعر وقدرة على الربط والاستنتاج... الخ.


- هل أعطانا ربنا نعما دنيوية فقط !؟ لا {إنا هديناه السبيل} أعطانا نعما دينية ليدلنا على طريقه بأسهل وألطف الطرق، هدانا إليه، أنزل لنا كتبا، وأرسل لنا رسلا ليكونوا نماذج واضحة لتطبيق هذه الكتب، وحفظ لنا كتابه الخاتم، وحفظ لنا سنة نبيه عليه الصلاة والسلام، وسخر لنا في كل عصر علماء ثقات يحفظون لنا هذا الدين وينقلونه لمن بعدهم...




- فما المطلوب مني يا رب لأنجح في هذا الاختبار !!!؟ {إما شاكرا، وإما كفورا} فانقسم الناس إلى قسمين –لكل قسم درجات متفاوتة كثيرة- إما شاكرا، وإما كفورا.


فما معنى الكفر المقصود في هذه الآية، والذي هو مُضاد للشكر !؟

الكفر في اللغة: هو الستر والتغطية، يُقال: كفر الزارع البذر بالتراب أي غطاه.
فالذي يُغطي الحقائق بزعمه ß كافر
الذي ينسى أو يتناسى فضل من تفضل عليه، وينسب الفضل إلى غيره ß كافر
التي تنسى فضل زوجها عليها وتقول "ما رأيت منك خيرا قط" ß كافرة بالعشير
الذي ينسب النجاح لعقله وذكائه وينسى أنه لولا نعم الله عليه ما نجح ß كافر بنعم الله

وليس المقصود هنا الكفر الأكبر، إنما المقصود الكفر الأصغر، وهو تغطية النعم ونسيانها.

والذي يُنكر وجود الله ! ويُغطي كل الحقائق العقلية والفطرية والكونية والشرعية على وجوده، ويزعم بلا دليل ولا برهان أنه لا إله ß كافر كفرا أكبر

أما الشكر: فهو الثناء على المحسن بما أولاكه من المعروف.
فالخطوة الأولى للشكر هي رؤية المعروف، رؤية النعمة، ثم نسبتها إلى صاحبها، ثم يأتي شكره والثناء عليه بعد ذلك.

فالشاكر : يعترف بالنعمة وينسبها لصاحبها
أما الكافر : يتغافل عن النعمة، يغطيها، إما بعقله، أو بزعمه أمام الناس، فبالتأكيد لن يشكر صاحبها عليها.



(2)  بما أن اختبارنا كله يتلخص في هذه الكلمة {شاكرا} فهل يمكن أن يكون المقصود بالشكر هو مجرد قول : الحمد لله، والشكر لله!؟ فينجح الإنسان وينجو في اختبار الدنيا كله !؟

لا، إنما سنفهم سويا بإذن الله ما المقصود حقيقة بهذه الكلمة، بتفاصيلها.



(3)  بماذا وعد الله الشاكر في الدنيا والآخرة؟ وبماذا وعد الكافر بنعمه ؟


أولا: عدم شكر النعم كما ينبغي، سبب لزوالها في الدنيا:


{ لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ * وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ * فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ }سبأ (15-19)

قوم سبأ مثال ضربه الله تعالى لنا ليبين لنا أن النعم التي يعطينا إياها، مهما كانت عظيمة، ومهما كانت طويلة الأمد، ومهما اعتدنا عليها، فهو قادر على أن يسلبها منا في لحظة، دون أي مقدمات.

فضرب لنا مثلا بنعمة تفوق الخيال: قوم أعطاهم حياة رغيدة، تحيط بهم البساتين والأنهار في كل مكان، حتى وصلوا إلى درجة أن يسافروا من اليمن إلى الشام لا يحملون معهم زادا، وتخرج المرأة من بيتها تطوف بسلتها تحت الأشجار، فترجع ولتها ممتلئة طعاما، ولم تضطر أن تحرك غصنا.

كيف كفروا بنعمة الله؟
{فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا} ملوا النعمة، ملوا الحياة الهادئة وأرادوا التغيير والإثارة، فماذا كانت النتيجة؟

سلب الله منهم النعمة وبشدة، ومزقهم كل ممزق، وجعلهم أحاديث يتكلم الناس بما حصل لهم.

فهذا كما حدث مع هذه النعمة العظيمة، يمكن أن يحدث بسهولة مع أي نعمة نعيش ونتمتع بها، إن لم نشكرها كما ينبغي، وكفرنا بها، أو تبطرنا عليها.



ثانيا: عدم الانشغال بشكر النعم في الدنيا سبب لطول الحساب والعقوبة يوم القيامة {ثم لتسألن يومئذ عن النعيم} التكاثر8


السؤال يوم القيامة سيكون على قدر النعم، فكلما زادت النعم عند العبد كان سؤاله أكثر وأشد وأطول.

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يدخلُ فقراءُ المسلِمينَ الجنةَ قَبلَ الأغنياءِ بنِصفِ يومٍ وهُو خمسُمائةِ عامٍ" صحيح الترغيب

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليودَنَّ أهلُ العافيةِ
يومَ القيامةِ أنَّ جلودَهم قُرضت بالمقاريضِ ، مما يروْنَ من ثوابِ أهلِ البلاءِ" السلسلة الصحيحة للألباني

فالمؤمن المبتلى والفقير عَبَدَ الله وأطاعه وهو يعاني، وهو يتألم رغما عنه، ومع ذلك رضي وصبر.
فدخل الجنة قبل الغني والمعافى ب500 عام، زمن مهول، وفترة عصيبة، كيف سيكون حالنا وقتها ونحن تحت الشمس، غارقين في العرق، والخوف، وصعوبة الموقف!؟
كما أنه حصل على ثواب عظيم، يتمنى المعافى وقتها لو أن جلده قرض بالمقاريض ليحصل عليه.

فإذا اختار الله لي أن أكون في الدنيا ذلك الغني والمعافى، فما الذي كان يجب علي أن أفعله لأنجو من شدة هذا الموقف وطول هذا السؤال !؟
كان يجب أن أتعب وأبذل الجهد في شكر النعم باختياري، حتى أتساوى مع المبتلى في التعب والمعاناة.

فهل إذا شكرت الله كما ينبغي، سأنجو فعلا من هذه الأهوال يوم القيامة ؟
نعم.. والدليل قوله تعالى { مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا } النساء 147




ثالثا: ما العطاءات العظيمة التي وعد الله بها الشاكر في الدنيا والآخرة؟


إذا شكر العبد نعم الله تعالى كما ينبغي:

‌أ-          نجى نفسه من شدة السؤال وطوله في الآخرة.
‌ب-     ونجى نفسه من زوال النعمة في الدنيا.
‌ج-      بل إن الله الشكور سيزيده من فضله بسبب شكره.
{ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } إبراهيم 7
‌د-         وينجيه من المهالك في الدنيا بسبب شكره.
{ إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ * نِعْمَةً مِّنْ عِندِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ}
القمر (34-35)
‌ه-         وسيصطفيه بنعمٍ إيمانية ودينية من بين قرنائه.
{وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لِّيَقُولواْ أَهَؤُلاء مَنَّ اللّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ}
الأنعام 53
{ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } النحل (120-121)



(4)  ما هي أمثلة النعم التي أغرق فيها (بتفاصيلها) والتي يمكن أن تسلب مني بسبب عدم شكري ؟ (مجرد أمثلة)



الجمال، المال، الزوج، الأبناء، صلاح الزوج، صلاح الأبناء، الوالدين، سهولة تعاملهما، الإخوة، تأليف قلوبنا على بعضنا، الذكاء، العلم، الفهم، طلاقة اللسان، خفة الدم، الحضور في المجالس، شرح الصدر بالإيمان، القوة على الطاعة، الجرأة على الدعوة، الصحة، قوة البدن، البيت، السيارة، الخادم، الأمن، حرية العبادة، التسليات المختلفة، اللباس الساتر، ستر الله عوراتي أمام الخلق، قذف محبتي في قلوبهم، الوظيفة، الراحة، طمأنينة القلب وانشراحه، الوقت، القدرة على الصبر، الهدوء، القدرة على تحمل الألم، سلامة القلب، وسائل الراحة والترف...الخ (بتفاصيلها التي لا تنتهي)



(5)  هل نحن في هذه الدنيا نعيش فقط في نعم؟ أم أننا أيضا نتعرض لبلاءات ؟

يقول الله تعالى:


{..ونَبْلوكُم بالشّرِّ والخيْر فِتنَة.. وإلَيْنا تُرْجَعون}  الأنبياء 35


يجب أن نفهم طبيعة الاختبار الذي خلقنا فيه، فهذا الاختبار يحتوي على النعم، ويحتوي على البلاءات، وكل واحد منهما سؤال يجب أن أجيب عليه كما ينبغي، كلٌّ منهما فتنة واختبار.

فالنعمة << يجب علي أن أشكرها كما ينبغي
والبلاء << يجب علي أن أصبر عليه وأرضى

لكنهما يشتركان في أمر: أن أعلم يقينا أنهما آتيان من الله تعالى وحده، وأنه وحده الذي يملك النعم، وهو وحده الذي يملك البلاء، ولا يبتلي عباده إلا لحكمة عظيمة ورحمة، ليطهر قلوبهم، ويكفر سيئاتهم، ويرفع درجاتهم، ويُرجعهم إلى حال العبودية، ويستخرج منهم العبادات العظيمة التي لا تخرج إلا عند البلاء (من صبر وتوكل وثقة وحسن ظن به سبحانه ودعاء وتذلل وانكسار وتوبة وخشية... الخ).

والكلام عن البلاء وكيفية التعامل معه يطول

لكن يجب أن نعلم، أن كل إنسان مهما كان حاله، وجب عليه الشكر على ما يغرق فيه من النعم، لأن كثيرا من البلاءات التي نتعرض لها قد يكون سببها الرئيسي هو نقص شكرنا على نعم ربنا، فابتلانا بسلب تلك النعم منا، ولو شكرناه كما يحب لأبقى نعمه علينا وزادنا من فضله سبحانه.





(6)  كيف قسم الله نعمه بين عبيده ؟

كل عبد من عبيده أعطاه كمّاً هائلا من النعم ليشكره عليها (فينجح في اختبار الشكر)
وأنقص عليه بعض النعم –المعدودة- ليستخرج منه عبوديته وصبره ورضاه عنه سبحانه (فينجح في اختبار الصبر)



(7)  كيف نشكر الله تعالى على نعمة كما ينبغي ؟ (والناس في هذا درجات).

1-          أشكرها بقلبي.

بأن أوقن بأن { وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ } النحل 53

إذا أيقنت بأن ما بي من نعمة فمن الله، سأجد في قلبي مشاعر (عبوديات) كثيرة، إذا لم أشعر بها  لم يكن قلبي شاكرا لله تعالى كما ينبغي:

-         أولا: أتبصر بنِعَمِ الله علي، ولا أحدد كلمة "النعم" بصورة معينة، فأتّهم الله تعالى بالبخل معي وهو في الحقيقة يغرقني بأصناف النعم!


-         أشعر أن كل نعمة أنا بها، بتفاصيلها، هي من الله تعالى وحده ( ليست مني، ولا من والداي، ولا من زوجي، ولا من بلدي، ولا من حكومتي، ولا من الطبيب، ولا من التكنلوجيا، ولا من شخصيتي، ولا من ذكائي، ولا من جمالي، ولا من طيبتي، ولا من علمي، ولا من القوانين الدولية.... ومن باب أولى: ولا من الطاقة، ولا الأبراج، ولا النجوم، ولا الشمس، ولا الإرادة، ولا المجتمع..... الخ الخ الخ )


-         أشعر وأنا موقن، أنني لم أستحق هذه النعمة حتى يعطيني الله إياها، ولا أنه أعطاني إياها لأنني مميز عنده. إنما هي محض إحسان ومِنّةٌ ومُعافاة منه سبحانه على عبد من عبيده.


-         أعلم تماما أنه أعطاني هذه النعمة كتكليف، وليس تشريف، وأنه أودعها عندي لكي أستخدمها بالطريقة التي علمني إياها، وإلا سأحاسب عليها أكثر ممن لم يعطيه هذه النعمة.


-         لا مجال في قلبي أبدا لأعجب في هذه النعمة، ولا أفخر بها على أحد، ولا أشعر بأنني
أفضل أو أرفع أو أعلى منهم، لأنها مزيد مسؤولية علي، ولم أستحق منها شيئا.


-         في قلبي خوف من أن يعاقبني ربي سبحانه على ذنوبي وتقصيري فيسلب مني هذه النعمة التي لم أستحقها أصلا، فأنا دائم الحذر من إغضابه، ودائم التوسل إليه أن لا يحرمني إياها.


-         في قلبي لهفة لاستخدام هذه النعمة في عبادة الله أو خدمة عبيده، حتى لا يسلبها مني بسبب استئثاري بها بغير حق.

-         في قلبي شفقة ورحمة على من لم ينعم الله عليهم بهذه النعمة، وأود لو عوضتهم عنها بأي طريقة أستطيعها.


-         لا أتعلق بها بحد ذاتها (خاصة إذا كانت نعمة دنيوية) لأنني أعلم أن الله تعالى هو الذي نفعني بها وليست هي بحد ذاتها، ولأنني أعلم أنه جل في علاه قد فطر الدنيا على أن النعم فيها تزول.
{ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا...} الحديد 20
فأتعلق بربي الذي أعطاني أياها، وهو قادر إذا سلبها لحكمة أن يبدلني خيرا لي منها.


-         أعلم أن ربي أعطاني ما يناسب اختباري رحمة بي، والنعم التي لم يعطيني إياها إن استمر حرماني منها رغم الدعاء وبذل الأسباب، أعلم أنها لا تناسب قلبي ولا اختباري، وأن مكانتي في الآخرة أفضل وأعظم وأنجى لي من دونها.


-         أن لا أطمع في النعم (الدنيوية) التي لم يعطيني إياها، ولا أحسد عليها أحدا، لأنني أدرك أن مزيدا من النعم يعني مزيدا من التكليف، وأنا يكفيني النعم التي تغرقني وأنا عاجزة عن شكره سبحانه عليها. أما النعم الدينية فأظل أطمع بكرم ربي فيها حتى ألقاه.


-         أن أعذر بقلبي إخوتي المسلمين عند خطئهم وتقصيرهم، خاصة الذين حرموا من بعض النعم التي أعطاني ربي إياها، فقد يكون سلوكهم الذي لم يعجبني بسبب نقص تلك النعم عندهم، وابتلاءهم الذي لم أجربه، فلا أحاسبهم كما أحاسب نفسي وأنا مُنعمٌ علي ومُعافى.

-         ... وغيرها.



2-          أشكرها بلساني.


{ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ } الضحى 11

-         أثني على ربي سبحانه في كل وقت، أمام كل أحد، أنه وحده الذي أعطانا كذا وكذا وكذا وكذا، وأنه صاحب المنة وحده، وأنه أعطانا ما لا نستحق، وأنه منان وكريم وجواد وعفو ولطيف... كلما ذكرت أمامي نعمة، أرجع قلبي وقلوب من حولي إلى أنها محض عطاء من الملك وحده سبحانه، ولولا رزقه لما أتت جميع أسباب الدنيا بها.

-         أحدّث الناس بما يحسن ظنهم بربهم، بأنه أعطاهم ما يناسبهم ليختبرهم به، وسلب منهم ما لا يناسبهم ليختبر رضاهم وصبرهم وثقتهم به، وأنه الحكيم، الخبير، الذي يعلم ما يناسب كل واحد من عبيده، ويدبر أموره بما يناسبه، لينجح في الاختبار فيدخل جنته وينجو من ناره.

-         أتحاور معهم في البحث عن حكمة الله في أقداره علينا، أو على من حولنا، ومناسبة هذه الأقدار لأمراض قلوبنا، أو نقص جوارحنا، فكلما رأينا حكمته بأعيننا، ازدادت قلوبنا يقينا وثقة وتوكلا واطمئنانا لأفعاله سبحانه.

-         أكثر من عبادات اللسان: الحمد والشكر والتهليل والتسبيح والتمجيد والتعظيم له سبحانه.

-         ألزم سؤال الله أن يحفظ نعمته علي، وأن يسددني لأستخدمها كما يحب هو ويرضى، وأن يجعلها سببا لفرحتي يوم أقف بين يديه.
-         ... وغيرها.


3-          أشكرها بجوارحي.


{ ...اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ } سبأ 13

-         أن أحافظ عليها، ولا أتعامل معها بسفه، وأجتهد أن لا أستخدمها بمعصية ربي، فإذا ضعفت وفعلت رجعت إليه سريعا تائبا معتذرا سائلا إياه أن لا يسلبها مني بسوء تعاملي معها.


-         أن أستخدمها في طاعته قدر استطاعتي.

-         جميع العبادات التي يحبها الله تعالى مني، من فعل أوامر، أو طلب علم، أو ترك نواهي، أو أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، أو إحسان إلى الخلق... الخ
هي في الحقيقة تعبير جوارحي عن شكري لهذا الإله العظيم الذي يغرقني بنعمه سبحانه.

-         ومن أهم شكري عليها (أن أعطي منها من حُرِم منها، أو أستخدمها في خدمتهم، أو أشاركهم فيها)


" فعَلَيّ بطلب العلم.. ودوام طلب العلم.. ثم بذل الجهد في العمل به "


(8)  هل أستطيع أن أحقق شكر الله لوحدي !؟


أبدا !!  بالاستعانة به {إياك نعبد وإياك نستعين}

{ ... حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ ...} الأحقاف 15


(9)  ماذا أفعل لأجبر النقص في شكر الله على النعم ؟


1-    أعامل الله بالذل والخجل، والاعتراف بقلبي: بدوام تقصيري، وبتتابع إحسانه وأفضاله علي سبحانه.
2-    أبذل جهدي في تحقيق الشكر ما استطعت.
3-    أكثر الاستغفار والتوبة ما استطعت.
4-    أسأله بما أعلمه من صفاته أن يعاملني بعفوه وشكره وإحسانه في ديني ودنياي وآخرتي، وأن لا يعاملني أبدا بما أستحق أنا!

هناك تعليقان (2):

  1. ام عبدالرحمن3 سبتمبر 2016 في 9:49 ص

    ما شاء الله تبارك الرحمن علم الانسان جزء من ايه يفيض بكل هذه المعاني التي تلخص الغايه من خلق الانسان ومصيره نحتاج الي فهم القران وتدبره لنسعد في الدارين. سوف اشارك هذه المعاني مع اخواتي واهلي وذكر فان الذكري تنفع المومنين

    ردحذف
  2. 💦💦💦 استمتعت وانا اقرأ كل حرف كتب
    كم هو جميل تدبر القرآن وفهمه يفتح العقل والقلب
    أسأل الله أن يحيي قلوبنا حياة العلم والايمان والعمل الصالح 💚
    جزاك الله خيرا ونفع بك

    ردحذف

أرشيف المدونة الإلكترونية