~كتاب الله~
هو الهدى والنور والروح والرحمة والشفاء والبركة والبرهان والحكمة والحق...
نحتاج أن ننكب على تدبره وفهمه وإسقاطه على قلوبنا وأبداننا لنصلح لمجاورة الله في الجنة


تابعونا

على الحساب الموحد في تويتر وانستجرام @TadabbarAlquran

تابعوا مدونة "علم ينتفع به" تحوي تفاريغ دروس الأستاذة أناهيد السميري جزاها الله خيرا ونفع بها http://tafaregdroos.blogspot.com

السبت، 3 أغسطس 2013

رد على المدعو صلاح الدين بن ابراهيم

هذا المقال رد على المدعو صلاح الدين بن ابراهيم
هداه الله.. وأصلح قلبه.. ونفعه بما يتعلم


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين
أما بعد

قد بعث لي بعض الإخوة بعض المقاطع لابن ابراهيم

ولم يتسع وقتي ولا قلبي لأطلع على جميع محاضراته "الكثيرة" ولكن يكفيني منها ما لمسته فيها من خطأ، وجب التنبيه عليه

وأسأل الله أن يميتني وإياه والمسلمين على الإيمان



يظل الاختبار منذ قصة آدم عليه السلام وإبليس إلى قيام الساعة، ليس بين العالم والجاهل، وإنما بين المستسلم للعبودية، وصاحب الهوى. وأنا لا أتهم ابن ابراهيم بما لا أعلمه من قلبه، ولكنني هنا أقرر حقيقة
أنه لو خليت قلوبنا من الهوى، وامتلأت بالعبودية والاستسلام للملك وأمره، فلا صراع إن شاء الله تعالى


باختصار: يدعي ابن إبراهيم دعوى عريضة، فيها من الخير، وفيها من الشر

مضمونها: أن المسلم المتبع لطريق محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، لابد وأن يكون معظما لله، ومعظما لرسوله، ومعظما لكتابه الذي أنزله بلسان عربي مبين

وبالتالي يجب أن يكون مؤدبا في التعامل معه، دقيقا في تحري ألفاظه، ملتزما خطاه لفظة لفظة، وحرفا حرفا، فلابد تبعا لذلك أن يحرص على إتقان لسان العرب، وهو لسان العرب وقت نزول الوحي، حتى يتمكن من إدراك خفايا معاني الألفاظ التي أراد الله تعالى أن تصل لعبيده، فيصلح بذلك دينه ودنياه


وهذا الكلام خير كثير، وليته كان كما نقرؤه، لانتفعت الأمة من عالم يُضاف إلى ثلة ورثة الأنبياء، الذين اصطفاهم الله لحمل رسالة نبيه جيلا بعد جيل، وكلفهم من المسؤوليات أعظم مما كلف به المتلقين عنهم، فالتكليف على قدر الاصطفاء، والسؤال على قدر النعمة


إلا أنه ينتقل من هذا الطرح إلى طريق آخر، وهو تحقير عمل كل علماء الأمة من قبله، ووضعه على الرف، هذا إن لم يرم به في سلة مهملات التاريخ.



فماذا ينصح طلبة علمه ؟
ينصحهم بثلاثة نصائح رئيسية هذا مضمونها:

1-عليك بكتاب الله جل في علاه
2-عليك بما صح من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم
3-عليك بالانكباب على لسان العرب تتعلمه

وهذا هو العلم، وهذا هو الدين، ولا تكاد تحتاج إلى شيء آخر بعده.


وهنا يأتي الرد على دعواه التي ينتشر نَفَسُها على جميع كلامه، وللأسف كما قلنا، الهوى يجعل الأمة تخسر ما عند الإنسان من خير، ويفقد هو خير ما عنده بيديه.. نسأل الله السلامة والعافية.


الرد بعون الله تعالى وفتحه وتسديده:


 أولا 

قد ميز الله تعالى في كتابه بين المؤمنين، فأخبر بوجود فئة منهم تسمى العلماء، ولو كان كل مؤمن مطالبا بأن يكون عالما لما كان للتمييز بينهم معنى.

{هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله
~والراسخون في العلم~
يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب}

آل عمران7

{ شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة
~وأولو العلم~
قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم }

آل عمران18


{ وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول
~وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم~
ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا }

النساء83


{ وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم
~طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم~
لعلهم يحذرون }

التوبة122


{ ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا
~للذين أوتوا العلم~
ماذا قال آنفا أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم }

محمد16



 ثانيا 

ذكر النبي عليه الصلاة والسلام في سنته العلماء بالمديح والتمييز، وهذا دليل آخر على أن ليس كل مسلم مطالب بأن يكون عالما.

قال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم:

" من سلك طريقا يطلب فيه علما ، سلك الله به طريقا من طرق الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم ، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض ، والحيتان في جوف الماء ، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب ، وإن العلماء ورثة الأنبياء ، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ، ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر "

صححه الألباني في صحيح أبي داود


وقال عليه الصلاة والسلام :

"فضل العالم على العابد ، كفضلي على أدناكم ، إن الله عز و جل و ملائكته ، و أهل السموات و الأرض ، حتى النملة في جحرها ، و حتى الحوت ، ليصلون على معلم الناس الخير "

صححه الألباني في صحيح الجامع


وقال عليه الصلاة والسلام :

"معاذ بن جبل أمام العلماء يوم القيامة برتوة"

صحيح الجامع للألباني



 ثالثا 

نستنتج أن الأمة يجب أن يكون فيها علماء متبوعون، ومؤمنون تابعون، والجميع محاسبون على فهمهم لما يحتاجونه من كلام الله تعالى -كلٌّ على حسب قدرته- وعلى تطبيقهم لما فهموه منه.



 رابعا 

ما هو العلم الذي ينهل منه العلماء وينقلونه للعامة ؟

هذا الجزء مما قاله ابن ابراهيم، وأصاب في قوله. أن العلم هو : قال الله، وقال رسوله، بلسان العرب، وفهم الصحابة الذين عاشوا نزول الوحي.


فليس للعلماء مصدر للعلم إلا هذه المصادر الأربعة. مع السماح لهم بفرجة يسيرة إذا استجد لأحدهم أمر لم يجد له أصلا في هذه الأصول (وهذا نادر)

كما ورد في حديث النبي عليه الصلاة والسلام الذي حسّن إسناده بعض العلماء، وهو صالح للاحتجاج به في هذا الباب :

لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذًا وفدًا إلى اليمنِ قال له : إن عرضَ لك قضاءٌ فبِمَ تحكمُ؟ قال أحكمُ بكتابِ اللهِ قال : فإن لم تجدْ؟ قال : فسنةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، قال : فإن لم تجدْ؟ قال : أجتهدُ رأيي ولا آلُو، فضربه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في صدرِه وقال : الحمدُ للهِ الذي وفَّق رسولَ رسولِ اللهِ لما يُرضِي اللهَ"


وهذا إنما قُبِلَ من معاذ لكونه عالما، وليس لكونه مؤمنا فحسب.


 خامسا 

بم يتميز العالم عن المؤمن العامي ؟

1-جمعه لأكبر قدر من مصادر العلم الأربعة (القرآن والسنة ولسان العرب وفهوم الصحابة) كما كان البخاري يحفظ زيادة على القرآن ألف ألف حديث، بين صحيح وضعيف بأسانيدها، والإمام أحمد بن حنبل كان يحفظ أكثر من ستمائة ألف حديث.. الخ.

2-تدبره لهذا الكم الذي جمعه، وربطه لمواضيعه. وهذا يستلزم صرف الأوقات والجهود والأعمار أمام كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، أما الثقافة العامة فغير مجدية.

3-قدرة رزقه الله إياها على فهم العلم (وهذا حال الناس في كل تخصص، فليس كل إنسان قادر على فهم كل أنواع العلوم، فمن اصطفاه الله لنقل العلم عن نبيه عليه الصلاة والسلام، أعطاه القدرة على جمع هذا العلم والانتفاع به والربط بين مواضيعه، كما أن مسؤوليته عنه صارت أثقل، وتكليفه صار أشد)


كلما حظي العالم بقدر أكبر من هذه الأمور الثلاثة، كان علمه أكبر، وقدرته على إصابة الفتيا أقرب.


ويأتي هنا مفتاح يفرق الله به بين عباده، وهو مفتاح الصدق والتقوى. فقد يجمع الإنسان العلم، ولكن دون صدق في إرادة رضى الله تعالى، ودون تقوى في تطبيقه على قلبه وجوارحه.

فأما من رزقه العظيم المنان سبحانه الصدق والتقوى، فسيجعل لعلمه هذا بركة عليه وعلى المسلمين، قد تصل إلى قيام الساعة. ومن لم يُرزقهما، فلن تجد لعلمه منفعة حقيقية على الأمة، هذا إن لم يتحول إلى فتنة تزيد الأمة تحزبا واختلافا وضلالا.


فعلى قدر ما يكون للعالم من صدق وتقوى، على قدر ما ينتفع به الخلق، حتى بعد وفاته. وهذا من شكر الله الشكور له سبحانه ،العليم الذي يعلم السر وأخفى.


 سادسا 

إذا كان العلم هو هذه المصادر الأربعة، فما الذي يستفيده العامي من العالم ؟


1-العالم يجمع النصوص التي تخص كل موضوع يحتاجه العبد في دينه أو دنياه على حدا، بسبب كثرة المعلومات لديه، فلا يحكم على مسألة من آية واحدة أو حديث واحد، ولا يأخذ آية ويغفل أخرى في نفس موضوعها

فمما وفق الله تعالى العلماء له، بذلهم لأعمارهم لجمع النصوص في مواضيع مثل:

-التوحيد والإيمان، وهما أساس الدين، والغاية التي خلق الله الجن والإنس من أجلها.

-مع ما يتبعهما من مواضيع الشرك والكفر، الذنبان الذان لا يغفران أبدا.

-الصلاة والطهارة، ليعلم المسلم كل ما يحتاجه في إقامة الركن الثاني من أركان دينه.

-الزكاة، والصيام، والحج، والمواريث، والمعاملات، والجهاد، ومعاملة الحكام...

-البدع والمعاصي، والمستحبات والمكروهات....... الخ.


فلو تُرِكَ الأمر لكل مسلم يبحث بنفسه عن كل هذا، سيأخذ ما يجده من نصوص ويغفل الباقي، أو قد يأخذ المنسوخ ويترك الناسخ لجهله بهذا... الخ



2-العالم الحق يأخذ بدين الله كله، ولا يترك حرفا منه لهواه، أو لعدم فهمه له. ولأن الله الحكيم سبحانه، الذي خلق الخلق ليفرق بين أهل الحق وأهل الباطل، شاء أن يكون في دينه أمورا محكمة، وأمورا متشابهة :

{هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب}
آل عمران7

فجعل الله من الآيات والأحاديث ما يسميه العلماء: ظاهرها التعارض. أي يظن الظان للوهلة الأولى أنها متعارضة.

فوظيفة العالم: بسبب كثرة ما معه من الوحي، وبسبب بذله لوقته وجهده في تدبره، وبسبب ما أعطاه الله من قدرة على الربط والفهم ( إضافة إلى الصدق والتقوى وشدة الاستعانة بالله تعالى والتذلل له وطلب الفتح منه، وسؤاله الهداية والسداد وإصلاح القلوب... الخ ) وظيفته أن يجمع بين هذه النصوص التي ظاهرها التعارض، بحيث لا يهمل شيئا منها، ولا يخالف فيها المحكم من وحي الله تعالى، فيُرجِعُ المتشابه للمحكم.

وهذا الأمر أخذ من العلماء جهدا جبارا على مر العصور، والذي يدخل فيه يدرك عظم العمل وما بذله علماء الأمة فيه من أنفاسهم ولياليهم.



3-لا يخلو زمن من مفسدين يريدون محاربة الدين بشتى الطرق، ليتخلصوا منه ومن أهله فيعيشوا على هواهم، ولا يفتأ هؤلاء يلقون الشبه على آيات الله وأحاديث نبيه عليه الصلاة والسلام، فإذا لم يكن في الأمة علماء لديهم من العلم (الأصول الأربعة) ما يكفي لرد شبهاتهم وتوعية العامة لضلالاتهم (وهذا يحتاج إلى زمن من المدارسة والجمع والتفنيذ) فسيقذفون بشبههم في قلوب الناس، فيزيغون في إيمانهم أو أعمالهم فيهلكوا.



4-من سنن الله في أرضه تجدد حاجات الناس وأحوالهم، فتتجدد لهذا أسئلتهم واستفساراتهم عما يرضي الله تعالى، وعن حدود ما يقفون عليه في أمره ونهيه، والعالم الحق، الذي لا يُدخل هواه وفكره في الحكم على دين الله، بسبب ما معه من العلم، يستطيع بعد دراسة هذه المستجدات وفهم تفاصيلها، أن يرجعها لأصول الدين والمحكم من الوحي، الذي لم يترك الحكيم فيه مجالا للحيرة والتخبط، فيفتي في المستجدات على ضوء أصول الدين التي علمه الله إياها سبحانه.



5-يظل العلماء وطلبة العلم مصادر جاهزة للإجابة على أسئلة العامة في كل يوم، ونقل العلم لمن بعدهم، حتى تستمر الرسالة إلى قيام الساعة.



 سابعا 

على هذا، هل يفترض أن يكون هناك عالم معصوم؟ لا يخطئ؟

قال عليه الصلاة والسلام:

"كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون. "
صحيح الترمذي


وقال عليه الصلاة والسلام:
" إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ"

البخاري


فالعصمة انتهت بموت النبي عليه الصلاة والسلام، وتبقى التقوى والاجتهاد.

وكل إنسان عالما كان أو عاميا سيسأل عما يعرض عليه من ابتلاء. فالعالم يختبره الله في الجهد الذي يبذله في كل مسألة، ومقدار تقواه فيها، ومقدار تطبيقه لها قبل أن ينقلها لغيره..

والعامي الذي ليس لديه وقت أو ليس لديه قدرة على جمع العلم وفهمه، يختبره الله في تقواه في البحث عن أعلم من يعلمه في زمانه، وأكثرهم تقوى، وقبوله لفتواه وإن خالفت هواه، وعدم تكبره عن أخذ العلم عنهم كونهم أصحاب التخصص

( ووالله لو كان الأمر يخص صحته أو صحة أبنائه لما آلى جهدا في البحث عن أعلم طبيب في تخصصه، ثم أخذ كلامه مُسلّماً به وهو منشرح الصدر ! ولكن لأن الأمر دين، لا يأخذه إلا صادق في إرادة الآخرة )


فالعامي الذي يتبع أعلم من يعلمه من أهل زمانه، قد أعذر أمام الله.

فإن استبان له خطأ هذا العالم في مسألة ما، ووضوح الدليل من الوحي على خطئه، فمن تقواه أن يتبع الدليل، مع محبته واحترامه لهذا العالم، وإعذاره على خطئه، ونصيحته إن تمكن من الوصول إليه..


وكما هي العادة:

صاحب الهوى يتردد بين الإفراط والتفريط

فإما أن يتبع العالم وهو مغمض العينين، ويتعامل معه وكأنه يتعامل مع النبي عليه الصلاة والسلام، فلا يقبل عليه تصحيحا ولا تعديلا، ويكون ولاؤه وبراؤه له.

أو أن ينسف عمل العالم بالكلية، ويقول : سأتعلم الدين لوحدي، ولن آخذ الميراث ممن أخبر النبي عليه الصلاة والسلام بأنهم ورثة الأنبياء.


أما الصادق، صاحب الحق، فإنه يتبع العالم الذي يشهد له العلماء بعلمه وتقواه. فإذا وجد عليه خطأ لم يتحرج من رده "بأدب" مع نصحه والدعاء له بالهداية والسداد والمغفرة.


 ثامنا 

ماذا يحدث لو حصل ما يدعو إليه ابن إبراهيم ؟

سيحدث ما حدث مع جميع الفرق الضالة منذ بداية دولة الإسلام وإلى قيام الساعة.

أن كل إنسان "سيفهم" ما يصل إليه من النصوص على هواه ( فهما قاصرا، مبتورا، منزوعا عن الدين المحكم، موافقا لهواه )


فتخرج فرقة كالخوارج الذين حاربوا عليا رضي الله عنه، وهم يصرخون { إن الحكم إلا لله }

وتخرج فرقة كالمرجئة الذين نفوا دخول النار للمؤمنين، وهم يتنادون { الله غفور رحيم }

وتخرج فرقة كالقرآنيين –بزعمهم- يقولون نحن لا نأخذ بالسنة، لأن الله يقول { ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء }

وتخرج فرقة كالأشاعرة ومن سلك مسلكهم، ينفون عن الله صفاته التي وصف بها نفسه، ويجعلونه إلها مفرغا، عدما، أقل مخلوقاته أحسن حالا منه – تعالى الله عن الملحدين بأسمائه علوا كبيرا – وهم يرددون { ليس كمثله شيء }


وهكذا جميع الفرق التي ضلت عن الطريق، وافترت على الله أو على دينه بغير علم

كلها اندرجت تحت هذه الآية { أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض !؟ }


فإذا تُرِكَ فهم الدين واستنباط الأحكام لكل مسلم، سينتج عنه أن يكون لدينا الآن ما يقارب مليار وربع دين مختلف!!
لقصور فهم كل هؤلاء ( المشغولون بمعايشهم ) عن الإحاطة بجميع النصوص الخاصة بكل موضوع يحتاجونه.



وهذه دعوى شيطانية، يُنادى لها الآن بقصد أو بغير قصد..!
لزيادة تفريق المؤمنين بالباطل، ودفع الناس ليكون لكل واحد منهم الدين الذي يفهمه والذي يوافق هواه



ووالله، إن دين الله واحد، وإن صراطه المستقيم هو النور، وكل ما عداه سبل متفرقة مظلمة، وإن زينها أصحابها واستقتلوا للدعوة إليها.



ولكن نعود لأصل الاختبار، يظل الصراع بين أهل حق، يعظمون الله تعالى حقا ويبحثون عن رضاه، وطريقهم إلى هذا هو الذل له، والاستسلام لدينه، والتواضع للمؤمنين، والرغبة الشديدة في هداية الخلق، حتى لا يتعرضوا لما لا يحتملونه يوم يقفون بين يديه..



وبين أهل باطل، جل تفكيرهم في أنفسهم، وفي هواهم، وفيما يريدون أن يحققوه في الدنيا من انتصارات وتنافسات وحظوظ نفس، وعلو وارتفاع على فلان وفلان، وشهرة وأتباع.....


المهم.. ان نهاية القصة ليست هنا، وأصحاب الأخدود حرقوا في الدنيا، ثم ذهبوا إلى الفوز الكبير في الآخرة

بينما من حرقوهم ضحكوا في الدنيا، ثم كانت لهم نار جهنم خالدين فيها


 تاسعا 

هناك خلل في زماننا
أدى إلى حيرة الناس وتخبطهم في اتباع الحق الذي يرضي الله تعالى
فعلماؤنا ليسوا معصومين (نسأل الله أن يحفظهم ويسددهم ويفتح لهم فتوحا من عنده، وأن يملأهم بالعلم الحق عنه وبالتقوى، ويغفر لهم أجمعين)


وهو انشغال كثير منهم بنقل دين الجوارح (الفقه) للمسلمين وطلبة العلم

مع إغفالهم للكلام عن أساسات العلم التي تصلح القلوب، حيث أنها إذا صلحت تبعتها الجوارح رغما عنها

وهي الفقه الأكبر
التي تتلخص في:
١- العلم بالله تعالى، بأسمائه وصفاته وأفعاله معنا التي نراها ونلمسها كل يوم

٢- العلم عن حقيقة أنفسنا وأمراض قلوبنا، حتى ندرك حقيقة العلاقة بيننا وبين المحسن المنان سبحانه، وتنكسر قلوبنا بالعبودية بين يديه

٣- العلم بحقيقة الدنيا والآخرة، حتى يصح سيرنا في هذا الاختبار، ويصح لقاؤنا به سبحانه


ونحن نعذر علماءنا وطلبة علمنا
وندعو لهم بالسداد والفتح
ونسعى أن نسدد لهم ثغراتهم

حتى ينشر الله دينه الحق في قلوب العالمين


 أخيرا 

رسالة إلى ابن إبراهيم..

اعلم أنك إن كنت صادقا في إرادة الحق، فسيهديك الله، وحينها ستكسب الأمة غرسا جديدا يستخدمه الله في طاعته، يملأ قلوب الناس بتعظيم الله وتعظيم دينه، ليس لشيء إلا لينجوا حين يقفون بين يديه.


وإن كنت صاحب هوى، فلن يندم أحد غيرك، ومن ستسحبهم معك من أهل الهوى، فإن الملك العظيم علام الغيوب سبحانه، لا يظلم من عبيده أحدا.



اللهم اهدانا وثبتنا على الحق، اللهم طهر قلوبنا من الهوى بلطف، اللهم اجعلنا من خيرة عبيدك وأذلهم لك ولدينك

اللهم ارض عنا، واعف عنا، واسترنا، واحلم علينا
ونجنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن
واجعل خير أيامنا يوم لقاءك
اللهم امين


والله تعالى أعلى وأعلم

فما كان من صواب فهو من المنان وحده سبحانه
وما كان من خطأ فأنا أهل للخطأ والسهو، فأستغفر الله العظيم وأتوب إليه

وصلى الله وسلم وبارك على حبيبه محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أرشيف المدونة الإلكترونية