~كتاب الله~
هو الهدى والنور والروح والرحمة والشفاء والبركة والبرهان والحكمة والحق...
نحتاج أن ننكب على تدبره وفهمه وإسقاطه على قلوبنا وأبداننا لنصلح لمجاورة الله في الجنة


تابعونا

على الحساب الموحد في تويتر وانستجرام @TadabbarAlquran

تابعوا مدونة "علم ينتفع به" تحوي تفاريغ دروس الأستاذة أناهيد السميري جزاها الله خيرا ونفع بها http://tafaregdroos.blogspot.com

الثلاثاء، 13 أغسطس 2013

~ لنحيا الدار الآخرة ~ (1)

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله

" قصة آخر رجل ينجو من الصراط "


عن عبد الله بن مسعود d ، عن النبي s قال :
 
يجمَعُ الله الأوّلين والآخرين لميقاتِ يومٍ معلومٍ قِـياما أربعين سنة، شاخصةً أبصارهم ينتظرونَ فَصْـلَ القضاء

ويَنزِلُ الله عز وجل في ظُلَلٍ من الغمام من العرش إلى الكُرسي، ثم ينادي مناد: أيها الناس ! ألم تَرْضَوْا من رَبّكُمُ الذي خلقَكم ورَزَقَكُم وأَمَرَكُم أن تَعْبُدوه ولا تُشرِكوا به شيئاً، أن يُوَلّي كُلّ أُناسٍ مِنكُم ما كانوا يَتَوَلّوْنَ ويعبُدونَ في الدنيا ؟ أليسَ ذلكَ عَدْلاً من ربكم ؟



قالوا: بلى !
 
فيَنطَلِقُ كُلّ قَوْمٍ إلى ما كانوا يَعبُدون ويَتَوَلّوْنَ في الدنيا. فينطلقون ويُمَثّلُ لهم أشباهُ ما كانوا يعبدون، فمِنْهُم من يَنطلِقُ إلى الشمس، ومنهم من ينطلقُ إلى القمر، والأوثان من الحجارة، وأشباه ما كانوا يعبدون. ويُمَثّلُ لِمَن كان يعبُدُ عيسى شيطانُ عيسى، ويُمَثّلُ لمن كان يعبد عُزَيْرًا شيطان عزير..
 
ويبقى محمد s وأُمّتُه. فيتمثّلُ الرب تبارك وتعالى، فيأتيهم فيقول: ما لكم لا تنطلقون كما انطلق الناس؟ فيقولون: إنّ لنا إلهاً ما رأيناه بعد!
فيقول: هل تعرفونه إن رأيتموه؟
فيقولون: إنّ بيننا وبينه علامةً إذا رأيناها عرفناه.
فيقول: ما هي؟
فيقولون: يكشِفُ عن ساقِه.
 
فعند ذلك يكشف عن ساقه.. فيَخِرُّ كلُّ من كان مُشرِكًا يُرائي لِظَهْرِه، ويبقى قومٌ ظُهورُهم كَصَياصِيِّ البقر يريدون السجود فلا يستطيعون، وقد كانوا يُدْعَوْنَ إلى السجود وهم سالمون !
 
ثم يقول: ارفعوا رؤوسكم. فيرفعون رؤوسهم، فيُعطيهِم نورَهُم على قدر أعمالهم، فمنهم من يُعطى نورُهُ مثلَ الجبل العظيم يسعى بين أيديهم، ومنهم من يُعطى نورُهُ أصغرَ من ذلك، ومنهم من يُعطى مثل النخلةِ بِيَدِه، ومنهم من يُعطى أصغر من ذلك، حتى يكون آخرهم رجلا يُعطى نوره على إبهام قدمه، يُضيء مرّةً ويُطفأ مرّة، فإذا أضاء قدمه قَدّمَ وإذا أُطفِئَ قام.
 
والرّبُّ تبارك وتعالى أمامَهم حتى يمُرّ بهم إلى النار، فيبقى أثرُهُ كحدّ السيف.
فيقول: مُرّوا. فيمُرّونَ على قدرِ نورِهِم، منهم من يَمُرُّ كطرفة العين، ومنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالسحاب، ومنهم من يمر كانقضاض الكواكب، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كشدِّ الفرَس، ومنهم من يمر كشد الرَّجُل..
 
حتى يمر الذي يُعطى نوره على ظهر قدميه يحبو على وجهه ويديه ورجليه، تَخِرّ يَد وتَعْلَقُ يد، وتَخِرّ رِجْل وتعلقُ رِجل، وتُصيب جوانِبَهُ النار، فلا يزال كذلك حتى يَخلُص، فإذا خَلص وقف عليها فقال: الحمد لله الذي أعطاني ما لم يُعطِ أحدًا إذ أنجاني منها بعد إذ رأيتها!
 
فيُنطَلَقُ به إلى غَديرٍ عند باب الجنة، فيغتسل فيعود إليه ريحُ أهل الجنة وألوانهم، فيرى ما في الجنة من خلال الباب، فيقول: ربّ! أدخلني الجنة.
 
فيقول الله له: أتسألُ الجنةَ وقد نجّيتُكَ من النار؟
فيقول: ربّ اجعل بيني وبينها حِجابا حتى لا أسمع حسيسها.
 
فيدخل الجنة، ويرى أو يُرفَعُ له منزل أمام ذلك كأن ما هو فيه بالنسبة إليه حُلُم!
 
فيقول: رب! أعطني ذلك المنزل.
فيقول: لعلك إن أُعطيتَهُ تسأل غَيرَه؟
فيقول: لا وعزتك لا أسأل غيره، وأيُّ منزلٍ أحسنُ منه!
 
فيُعطاه فينزلُه. ويرى أمام ذلك منزلا كأن ما هو فيه بالنسبة إليه حلم. قال: رب! أعطني ذلك المنزل!!
فيقول الله تبارك وتعالى له: لعلك إن أُعطيتَهُ تسأل غيره؟
فيقول: لا وعزتك وأي منزل أحسن منه. فيعطاه فينزله ثم يسكت.
 
فيقول الله جل ذكره: ما لك لا تسأل؟
فيقول: رب قد سألتك حتى استحييتك!!
 
فيقول الله جل ذكره: ألم تَرْضَ أن أُعطيكَ مثل الدنيا منذ خلقتها إلى يوم أفنيتها وعشرة أضعافه!؟
 
فيقول: أتهزأ بي وأنت رب العزة!!؟
 
فيضحك الرب عز وجل من قوله (( قال: فرأيت عبد الله بن مسعود إذا بلغ هذا المكان من الحديث ضحك. فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن! قد سمعتك تحدث هذا الحديث مرارا، كلما بلغت هذا المكان ضحكت؟ فقال: إني سمعت رسول الله s يحدث هذا الحديث مرارا، كلما بلغ هذا المكان من هذا الحديث ضحك حتى تبدو أضراسه ))
 
فيقول الرب جل ذكره: لا ولكني على ذلك قادر.
فيقول: ألحِقْني بالناس!
فيقول: إلحَق بالناس..
 
فينطلق يَرمُلُ في الجنة، حتّى إذا دنا من الناس رُفِعَ له قصرٌ من دُرّة، فيخر ساجدا! فيقول له: ارفع رأسك ما لك!؟
فيقول: رأيت ربّي أو تراءى لي ربي.
فيُقال: إنما هو منزل من منازلك.
 
ثم يأتي رجل فيتهيأ للسجود له، فيقال له: مَه!!
فيقول: رأيت أنك مَلَكٌ من الملائكة!
فيقول: إنما أنا خازِنٌ من خُزّانك، وعبدٌ من عبيدك، تحت يدي ألف قهرمان على مِثلِ ما أنا عليه.
 
فينطلق أمامه حتى يفتح له باب القصر، وهو من دُرّةٍ مُجوّفة، سقائفها وأبوابها وأغلافها ومفاتيحها منها، يستقبله جوهرة خضراء مُبطّنةٌ بحمراء، فيها سبعون بابا كل باب يُفضي إلى جوهرة خضراء مبطنة، كل جوهرة تفضي إلى جوهرة على غير لون الأخرى، في كل جوهرة سرر وأزواج ووصائف، أدناهن حوراء عيناء عليها سبعون حلة، يُرى مُخّ ساقها من وراء حللها، كبدها مرآته وكبده مرآتها، إذا أعرض عنها إعراضة ازدادت في عينه سبعين ضعفا عما كانت قبل ذلك
 
فيقول لها: والله لقد ازددت في عيني سبعين ضعفا!
وتقول له: وأنت لقد ازددت في عيني سبعين ضعفا.
 
فيُقال له: أشْرِف أشرف. فيُشرِف فيقال له: مُـلكُكَ مسيرة مائة عام ينفذه بصرك.
 
قال: فقال له عمر: ألا تسمع ما يحدثنا ابن أم عبد يا كعب عن أدنى أهل الجنة منزلا!!! فكيف أعلاهم!؟ قال: يا أمير المؤمنين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت.

صحيح الترغيب و الترهيب للألباني - 3591



_______________________________________________

بعض التوضيح:

(1) أخبرنا الله تعالى أنه ينزل في ظلل من الغمام من العرش إلى الكرسي، فنحن نصدق الله تعالى في قوله، ونمنع عقولنا من تمثيل هذا النزول أو تخيله، لأن الله تعالى { ليس كمثله شيء } فصفاته وأفعاله كذلك ليس كمثلها شيء.

(2) وأخبرنا جل ذكره أنه سيكشف يوم القيامة عن ساقه، وقوله حق، وقد خاطبنا سبحانه بلسان عربي مبين، وكما قلنا في النقطة السابقة، نصدق الله تعالى ونستسلم لما علمنا، ولا نسمح لعقولنا بتمثيل صفاته أو تخيلها، لأنه سبحانه { ليس كمثله شيء }
(وللاستزادة يمكن الرجوع لشرح العقيدة الواسطية للشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى)

(3) فيَخِرُّ كلُّ من كان مُشرِكًا يُرائي لِظَهْرِه : الذي كان يصلي مراءاة للناس، ليتجنب ذمهم، أو للحصول على مدحهم، أو ليحصل على المصالح منهم...

(4) ويبقى قومٌ ظُهورُهم كَصَياصِيِّ البقر : الذين كانوا يُدعون للصلاة المكتوبة، فلا يُجيبون !

(5) فإذا أضاء قدمه قَدّمَ وإذا أُطفِئَ قام : إذا أضاء تقدم ومشى، وإذا أطفأ توقف.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أرشيف المدونة الإلكترونية